</I>لازلنا في رحاب أمير المؤمنين -عليه السلام- في دعاءه المعروف الذي رواه كميل بن زياد، وهذا الدعاء كما نعرف من سمات ومعالم ليلة الجمعة، والمؤمن له صلة وثيقة بهذا الدعاء، فمن المناسب أن يطلع على بعض ما في هذا الدعاء من معانٍ.
إن الذي روى هذا الدعاء هو كميل بن زياد، وهذه الشخصية من الشخصيات التي التحقت بركب الشهداء، كان في قلبه حب أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه، وكان هذا الحب ظاهرا عليه، وهو من ضحايا ظلم الحجاج، ظفر به وقُتل في حب علي -عليه السلام- وولايته.. نحن نعتقد أن الله -عز وجل- كافأه بمكافأة معجلة، قبل أن يقتل في سبيل الله عز وجل.. فأعطاه هذه الجائزة المعجلة، وهو هذا الدعاء الذي أجري على يده.
إن لدعاء كميل قصة، وهي: كان أمير المؤمنين -عليه السلام- جالساً في مسجد البصرة، ومعه جمع من أصحابه، فسأله أحدهم عن تفسير الآية الكريمة {ففِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ}.. فقال الإمام عليه السلام: هي ليلة نصف من شعبان (أي ليلة 15 شعبان)، ثم أقسم الإمام قائلاً: والذي نفس علي بيده!.. ما من عبد إلا وجميع ما يجري عليه من خير أو شر مقسوم له في ليلة النصف من شعبان إلى آخر السنة في مثل تلك الليلة المقبلة، وما من عبد يحييها ويدعو بدعاء الخضر (عليه السلام) إلاّ اُجيب له.. فلما انصرف طرقته ليلا فقال (عليه السلام): ما جاء بك يا كميل؟.. قلت: يا أميرالمؤمنين دعاء الخضر فقال: اجلس يا كميل، إذا حفظت هذا الدعاء فادع به كلّ ليلة جمعة، أو في الشهر مرة، أو في السنة مرة، أو في عمرك مرة؛ تكف وتُنصر وترزق ولن تعدم في المغفرة.. يا كميل!.. أوجب لك طول الصحبة لنا، أن نجود لك بما سألت.. ثمّ قال (عليه السلام) اكتب... تهيأ كميل للكتابة، وراح الإمام يتلو عليه الدعاء الذي يردده اليوم الملايين المسلمين حيث اشتهر بـ "دعاء كميل".
ونحن نعرف أن دعاء كميل يقرأ في النصف من شعبان، وفي ليالي الجمعة.. ويفهم من روايات أهل البيت (ع): أن ليلة النصف لها ارتباط بليلة القدر، ولكن كيف يكون الارتباط؟.. يبدو -والله العالم- أن المقدرات تكتب في ليلة النصف من شعبان، أي من الممكن أن تكتب المسودة الأولى، ثم في ليلة القدر تبرم الأمور.
إن دعاء أمير المؤمنين -عليه السلام- فيه هذه الخاصية: إنه لو قرأ في العمر مرة، لا في ليلة الجمعة فقط، بالطريقة التي يريدها أمير المؤمنين؛ فإنه سينال المطلوب.. رب العالمين يستحي من عبده المؤمن إذا طلب منه طلبا، يعني إذا خرج وانقدح الطلب من قلبه، وليس فقط قرأ الدعاء بلسانه.. فهناك فرق بين تلاوة الدعاء وبين الدعاء!.. إذا خرج الطلب من قلبه، ولم يكن هنالك ما يحبس الدعاء، وهو هذا الشرط الثاني.. هذا الطلب يصل إلى العرش، إذا وصل إلى العرش رب العالمين ما الذي يمنعه من أن يستجيب هذا الدعاء؟.. إن البعض قد يستغرب أو يستكثر من ثواب بعض الأعمال، في كتب الدعاء يقال: من قرأ هذا الدعاء، له ألف قصر في الجنة.. ويقال أيضا: من قرأ عبارة من هذا الدعاء في خمس دقائق، أعطى هذا الثواب العظيم.. ولهذا هناك عبارة جميلة تقول: إن الذي يشك في هذا الأجر العظيم غير المتوقع، يشك في أحد أمرين: إما أنه يشك في قدرة الله عز وجل، وإما أنه يشك في كرم الله سبحانه وتعالى!.. وكلاهما باطلان، بل من أسباب الكفر.. رب العالمين قادر وكريم، ما الفرق بين أن يعطيك قصرا أو يعطيك ألف قصر؟.. القضية كن فيكون، وانتهى الموضوع!.. ولهذا علي -عليه السلام- يقول: في العمر مرة، إذا خرج الطلب ووصل، انتهى الأمر، (تكف وتُنصر وترزق ولن تعدم في المغفرة).
إن الإمام (ع) طلب من كميل حفظ الدعاء، وقد أملاه عليه، وكميل كتبه.. ومن هذه العبارة يبدو أن المتن متن منقح، حفظه كميل ونقله إلينا، قال: يا كميل!.. أوجب لك طول الصحبة لنا، أن نجود لك بما سألت.. أي هذه العلاقة الطويلة معنا، ثمرتها ظهرت في تلك الليلة.. انظروا إلى هذه الثمرة، الإنسان قد يزور، وقد يذهب للحج أربعين سفرة، أو ثلاثين سفرة؛ ولكن تظهر الثمرة في سفرة من السفرات، فلا تعلم ما هي السفرة التي يرشح لك فيها الخير الكثير!.. كميل كان مع أمير المؤمنين، ولعله شاركه في غزواته، ولكن لم يحصل على هذه الجائزة العظمى، إلا في تلك الليلة في البصرة.. ونحن بعد قرون اجتمعنا هذه الليلة، لنتدارس دعاء كميل.
فإذن، إن المؤمن لا ينتظر الجوائز معجلة، وبناء رب العالمين على اختبار صبر العباد.. فالذي يريد أن يأخذ الجائزة فورا، هذا إنسان لا يمكنه أن يسير في طريق القرب إلى الله عز وجل، مثلا: يسمع أحدنا بركات صلاة الليل، فينوي هذه الليلة أن يصلي صلاة الليل.. وصلاة الليل توجب سعة الرزق، وتوجب نور الوجه ونور الفؤاد.. يصلي لمدة أسبوع وأسبوعين، أو شهر وشهرين؛ فلا يرى شيئا في حياته، فيترك هذه الصلاة، ويقول: صلاة الليل لا توجب ما توقعناه.. بينما الذي يريد أن يقطف الثمار من المستحبات، عليه أن يواظب على هذا المستحب سنة على الأقل، من المرجو بعد تلك السنة أن يرى بعض الثمار.. وإلا لو كان عندما يصلي صلاة الليل، تنزل عليه ياقوتة حمراء، أو زبرجدة خضراء؛ لكان كل الناس من أولياء الله عز وجل.. فإذن، إن البناء على كتمان الإسرار، وعدم التعجيل في الجوائز.
الثلاثاء نوفمبر 12, 2013 11:24 pm من طرف نجمة السماء
» اظل للموت احبك وابقى اسولف فيك..
الثلاثاء نوفمبر 12, 2013 11:17 pm من طرف نجمة السماء
» أختبار في المشاعر أي نوع من الاشخاص أنت
الجمعة سبتمبر 20, 2013 7:05 am من طرف علي العبيدي
» تفسير رؤيا الصحابه رضي الله عنهم في المنام
الأربعاء أكتوبر 20, 2010 1:00 am من طرف علي العبيدي
» إياك ان تفعلها فتذهب رجولتك
الخميس أكتوبر 14, 2010 1:15 pm من طرف نجمة السماء
» آدآب دخول المنتدى ♥ من الألف إلى اليآء ♥أرجو التثبيت
الأحد أغسطس 15, 2010 12:07 pm من طرف ابن دجلة الخير
» قصة سيدنا أيوب عليه السلام
السبت أغسطس 14, 2010 11:56 am من طرف ندى الريحان
» جاوب الي بعدك..وضع سؤالا
السبت أغسطس 14, 2010 11:52 am من طرف ندى الريحان
» بعض ما قيل في رجال العراق
الإثنين أغسطس 02, 2010 11:29 am من طرف نجمة السماء