ارض الانبياء والحضارة

السلام عليكم اخي الزائر الكريم ...
حللت سهلا ونورت المنتدى بوجودك
نرجوا منك التسجيل لتسعدنا في بوح قلمك
نتمنى ان تكونوا سعداء في ارجاء المنتدى

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

ارض الانبياء والحضارة

السلام عليكم اخي الزائر الكريم ...
حللت سهلا ونورت المنتدى بوجودك
نرجوا منك التسجيل لتسعدنا في بوح قلمك
نتمنى ان تكونوا سعداء في ارجاء المنتدى

ارض الانبياء والحضارة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
ارض الانبياء والحضارة

ابداع وفكر وعلم واخلاق

تتمنى اسرة منتدى ارض الانبياء والحضارة من الاخوة الزائرين والاعضاء في المنتدى ان يقضوا احلى وامتع الاوقات فمرحبا بكم
نصرة الرسول محمد (صلى الله عليه واله وسلم) :الى الاخوة الاعزاء في المنتدى لنجعل من هذا الاسبوع اسبوع النصرة الحقيقية لرسول الله محمد (صلى الله عليه واله) الرسول الامجد لما قام به الملعونين والمنافقين من اليهود والنصارى للاعتداء والاستهزاء بشخصه الكريم ...لنرفع ايدينا بطلب العفو والمغفرة على تقصيرنا ونسال الله تعالى ان يوفقنا للخير والصلاح....اسرة منتدى ارض الانبياء والحضارة
الى الاخوة الاعزاء في منتدى ارض الانبياء والحضارة يمكنكم توجيه الاسئلة الى الاخت شتاء في كرسي الاعتراف...وهي بدورها تستقبل اجوبتكم برحابة الصدر...ادارة منتدى ارض الانبياء والحضارة
اعلان هام من ادارة منتدى ارض الانبياء والحضارة ::: نرجوا من الاعضاء الكرام عدم وضع اعلان عن منتدى اخر او وضع رابط معين كائن من يكون ذلك الرابط او الاعلان .... فان ادارة المنتدى ستقوم بحذف الموضوع واذا تكرر العمل فاننا سوف نوقف عضوية العضو ؟؟؟؟نرجوا من الاخوة الاعضاء التعاون معنا ....اسرة منتديات ارض الانبياء والحضارة
نبارك للاخوة الاعضاء حلول العام الجديد ونقول كل عام والامة الاسلامية بالف خير

المواضيع الأخيرة

» من اجل انسان حبيب كالمطر
ثورة العشرين---على الاحتلال البرطاني13/08/1920 Emptyالثلاثاء نوفمبر 12, 2013 11:24 pm من طرف نجمة السماء

» اظل للموت احبك وابقى اسولف فيك..
ثورة العشرين---على الاحتلال البرطاني13/08/1920 Emptyالثلاثاء نوفمبر 12, 2013 11:17 pm من طرف نجمة السماء

» أختبار في المشاعر أي نوع من الاشخاص أنت
ثورة العشرين---على الاحتلال البرطاني13/08/1920 Emptyالجمعة سبتمبر 20, 2013 7:05 am من طرف علي العبيدي

» تفسير رؤيا الصحابه رضي الله عنهم في المنام
ثورة العشرين---على الاحتلال البرطاني13/08/1920 Emptyالأربعاء أكتوبر 20, 2010 1:00 am من طرف علي العبيدي

» إياك ان تفعلها فتذهب رجولتك
ثورة العشرين---على الاحتلال البرطاني13/08/1920 Emptyالخميس أكتوبر 14, 2010 1:15 pm من طرف نجمة السماء

» آدآب دخول المنتدى ♥ من الألف إلى اليآء ♥أرجو التثبيت
ثورة العشرين---على الاحتلال البرطاني13/08/1920 Emptyالأحد أغسطس 15, 2010 12:07 pm من طرف ابن دجلة الخير

» قصة سيدنا أيوب عليه السلام
ثورة العشرين---على الاحتلال البرطاني13/08/1920 Emptyالسبت أغسطس 14, 2010 11:56 am من طرف ندى الريحان

» جاوب الي بعدك..وضع سؤالا
ثورة العشرين---على الاحتلال البرطاني13/08/1920 Emptyالسبت أغسطس 14, 2010 11:52 am من طرف ندى الريحان

» بعض ما قيل في رجال العراق
ثورة العشرين---على الاحتلال البرطاني13/08/1920 Emptyالإثنين أغسطس 02, 2010 11:29 am من طرف نجمة السماء

التبادل الاعلاني

نوفمبر 2024

الإثنينالثلاثاءالأربعاءالخميسالجمعةالسبتالأحد
    123
45678910
11121314151617
18192021222324
252627282930 

اليومية اليومية


    ثورة العشرين---على الاحتلال البرطاني13/08/1920

    ابن دجلة الخير
    ابن دجلة الخير
    مشرف القسم الاسلامي


    عدد المساهمات : 462
    نقاط : 57195
    السٌّمعَة : 1
    تاريخ التسجيل : 21/06/2009
    العمر : 43
    الموقع : العراق

    ثورة العشرين---على الاحتلال البرطاني13/08/1920 Empty ثورة العشرين---على الاحتلال البرطاني13/08/1920

    مُساهمة من طرف ابن دجلة الخير السبت يونيو 12, 2010 12:51 pm

    كان العراق تحت السيادة العثمانية ومن ثم أغارت بريطانية من جهة البحر
    بجيوشها الجرارة ومعداتها الحربية ، وكان بدء الغارة في شهر أيلول سنة 1914
    فاحتلت الجيوش البريطانية الفاو بلا مقاومة كما احتلت عبادان ثم احتلت
    البصرة وجعلتها قاعدة لاعمالها العسكرية ، وكان صبحي بك والي البصرة
    وقائدها قد ارتد الى القرنة ، فسار القائد البريطاني في اثره وهاجمه هناك ،
    فرأى صبحي بك ان لا فائدة من المقاومة سوى التغرير بمن معه من الجند فارسل
    بكتاب الى القائد الانكليزي يقترح فيه الاستسلام على ان يخرج الجيش بسلاحه
    ، فأبى القائد الانكليزي قبول هذا الشرط ، فاستسلم الجيش التركي بلا قيد
    او شرط ، وكان عدده ( 1200 ) جندي و 42 ظابطا، واُسر القائد صبحي بك .


    وعلى أثر هذه الحادثة أقالت الحكومة جاويد باشا القائد العام للجيش العراقي
    ، وعينت سليمان بك العسكري ، وهو من زعماء الاتحاديين ، قائداً عاماً
    للجيش في العراق . وقد دارت بعد ذلك معارك دامية بين الفريقين كان اشدها
    واعظمها شأنا معركة (( الشعيبة )) التي هجم فيها سليمان العسكري على
    المعسكر البريطاني المحصن فيها هجمة المستميت فارتد خائباً ، وخسر من جيشه
    جنوداً كثيرين لا يستهان بهم ، ما بين قتيل وجريح وأسير ومعهم كثير من
    المجاهدين العراقيين ومنهم السيد محمد الحبوبي وكان لهذه الوقعة تأثيرها
    السيء على نفس سليمان بك العسكري فقتل نفسه مما أصابه من الاخفاق ، فضلا عن
    أنه أصيب من قبل بشظية قنبلة , فأرسلت الحكومة نور الدين بك ( باشا )
    لاستلام القيادة العامة في العراق وكان الانكليز حين ذاك قد احتلوا العمارة
    من جهة دجلة واحتلوا من جهة الفرات الناصرية . فجمع نور الدين بك القوى
    المبعثرة وضافها الى النجدات الجديدة فحشد معظمها في ( السن ) الذي يبعد عن
    الكوت نحو ثمانية أميال تقريبا من الشرق ، وهناك اشتبك الجيشان في القتال
    فانتهى بفوز الانكليز فانسحب الجيش العثماني الى بلدة سلمان باك وزحف
    الانكليز على بلدة سلمان ، وهجموا على قلب الجيش العثماني وعلى جناحه
    الايسر ، وكاد الفوز يحالفهم لولا وصول نجدة قوية من الاتراك يقودها خليل
    بك باشا في تلك الساعة الرهيبة ، فدحروا الجيش الانكليزي وأرغموه على ترك
    الخطوط التي تغلب عليها ، فارتد الى الكوت فطارده الجيش العثماني والقى
    الحصار عليه وعليها . وعلى الرغم مما بذله الانكليز من الجهود لانقاذ هذا
    الجيش المحصور لم يستطيعوا انقاذه ، فاستسلم في 29 نيسان 1916 بعد ان اتلف
    معداته الحربية . وكان عدد افراده ( 13500 ) عدا الظباط ، فأرسلوا اسرى الى
    الانضول أما قائده الجنرال تاوسند فقد اعدت الحكومة لاقامته قصراً فخماً
    في جزيرة الامراء ( بيوك أطه ) فاقام فيه حتى زمن عقد الهدنة .


    وبعد هذه الحادثة أرسل الانكليز لتقوية جيشهم حملة بلغ عددها 40,000 مقاتل
    تحت قيادة الجنرال مود فبدأ الهجوم على الجيش العثماني في 9 كانون الثاني
    1917 فاحتلوا الخطوط الامامية بعد عدة معارك هائلة ثم استولوا على الفلاحية
    في 22 منه وضعضعوا الجيش العثماني فانسحب الى سلمان باك ثانية فأخذ
    الانكليز يطاردونه فلم يقو على الثبات ، وارتد الى بغداد ، فطارده القائد
    مود واضطره الى ترك بغداد ، ودخل بغداد صباح 11 آذار 1917 ، وبعد ان سقطت
    بغداد استولى الجيش الانكليزي على سائر المدن العراقية بعد مناوشات
    ومناهدات ، وبذلك انطوت آخر صفحة من تاريخ بني عثمان في العراق .



    شرارة الثورة الاولى



    قام حاكم لواء الديوانية الانجليزى ديللى بارسال مبعوث الى حاكم ناحية
    الرميثة (اللفتنت هيات) يطلب منه ان يرسل له رؤساء الرميثة أجمعين بما فيهم
    الشيخ شعلان ابو الجون والشيخ غثيث الحرجان لينتقم منهم اشد انتقام وذلك
    لاعمالهم على تحريض الناس للمطالبة بالاستقلال ومحاولة اشعال الثورة هناك
    وعندها ارسل حاكم الرميثة من يبلغهم للمثول امامه فاتفق كل من الشيوخ شعلان
    وغثيث وبعض المشايخ ان يذهب لهم الشيخ شعلان ويبقى الاخرون بانتضار معرفة
    نتيجة هذا الطلب وقد ارسلوا برفقة الشيخ شعلان عم الشيخ غثيث وكان الاتفاق
    ان اذا القى به بالسجن بان يقول لمرافقه ان يرسلوا له عشر ليرات المانية
    وذلك بما يعنى ان يرسلوا له عشر رجال مسلحين اكفاء لتخليصه من هذا السجن ,
    وعند وصول الشيخ شعلان الى حاكم الرميثة استقبله بالعنف والتوبيخ واسمعه
    كلاما لا يليق بزعيم الظوالم فرد عليه الشيخ شعلان بالمثل وهدده بان سياسة
    بريطانيا ستجرها الى عاقبة لا تحمد عقباها فانتم بالعراق وليس بهندستان وان
    العراقيين غير الهنود , فستشاط الحاكم غضبا وادخله الى السجن لحين حضور
    القطار الى الرميثه وارساله مخفورا الى الديوانية , وعندها ذهب المرافق معه
    وابلغ الظوالم بما حدث لزعيمهم , فارسل الشيخ غثيث الحرجان الرجال العشرة
    وتوجهوا الى الرميثة برئاسة حبشان الحاج كاطع , وعند وصول الابطال العشرة
    الى الرميثة عصر30 حزيران 1920 دخل الرميثة الابطال العشرة فقتلوا شرطيين
    من أفراد الشرطة الاربعة الذين كانوا في السراي ، واخرجوا « شعلان » من
    سجنه وهم يرددون هوساتهم الشعبية . . . فكانت تلك الرصاصة الاولى التي
    انطلقت في هذا اليوم « الشرارة الاولى » للثورة العراقية الكبرى .


    ولم تكن بين هذه الحادثة وبين أولي الحل والعقد في الحواضر والارياف المهمة
    اية سابقة فلما وقعت وقف المخلصون تجاه الامر الواقع اذ لا يمكن ترك ابطال
    الرميثة ويصطلون بنار العدو منعزلين عن اخوانهم ، فكان لا بد من الاشتراك
    والاشتباك .


    وفي اليوم الاول من شهر تموز وصلت الانباء الى الميجر ديلي عن الاضطرابات
    التي وقعت في جنوبي الرميثة ، وعلى مسافة طويلة منها وقد قلع الثوار هناك
    قضبان السكة الحديدية وهدموا عددا من الجسور . وفي اليوم نفسه حاصروا
    القطار الذي كان مسافراً بين البصرة وبغداد وقد جلبت سلطات الاحتلال بعض
    قطعات جيشها الى الرميثة واسندت قيادتها الى « الكابتن براك » .


    وبدأ الثوار يحفرون خنادقهم ، منذ اليوم الرابع من شهر تموز ، ويقيمون
    الاستحكامات اللازمة لهم ، وذلك في الشمال الغربي من الرميثة ، كما شرعوا
    في توزيع قواتهم بصورة متقنة . وقد امطر الثوار الجنود البريطانيين بوابل
    من الرصاص ، واوقعوا فيهم ( 22 ) اصابة بين قتيل وجريح . وعلم الثوار ان
    قطاراً مدرعاً خاصاً يحمل المؤن والارزاق والمياه لنجدة حامية الرمثية وفيه
    القوات التالية :


    قائد الفرقة اللفتننت كولونيل مارمن ، كتيبة واحدة من الفرقة الـ 37 لا
    نسرس ، فصيل من بطارية الاسناد 45 فصيل من الفرقة 45 السيك ، فصيل من
    الفرقة 99 المشاة ثلاثون جندياً من الاكراد الفيلي .


    الا أن الثوار قد صمموا على الفتك بها واعادتها الى الدينوانية مهما بلغت
    خساراتهم ، وفشلت محاولة في فك الحصار الذي ضربه ولكن الثوار كانوا قد
    قطعوا خط رجعتها ، واشتبكوا في معركة شديدة استمرت من الظهر حتى مطلع الفجر
    ، وبلغت خسائر القوات الانكليزية ( 47 ) قتيلاً وظابطاً بريطانياً واحدا ،
    و ( 167 ) جريحاً بينهم احد الظباط ، اما خسارة الثوار فكانت طفيفة جداً
    بالقياس الى هذه الارقام .



    معركة العارضيات



    كان عدد الثوار قد تجاوز الخمسة الاف وقد تحصنوا في العارضيات ( والعارضيات
    عبارة عن اربعة جداول متوازية تقطع ) وقد تحصن فيها بنو عارض بقيادة
    رئيسهم الشيخ سوادي الحسون ثم قامت طائفة منهم بقطع السكة الحديد من الامام
    ومن الخلف وبدأت المعركة المسماة ( بالعارضيات ) التي لقي من ثقلها الشيء
    الكثير حيث قتل من الانجليز 125 جندي وضابط، ولم تستطع القوة العسكرية ان
    تتقدم شيئاً يذكر واضطرت الى الاستعانة بقوات اخرى تأتيها من الديوانية
    لربط السكة الحديد .



    معركة ابي صخير



    كانت قضية اشراك الشيخ مزهر الفرعون « كبير رؤساء آل فتلة » في الثورة من
    الامور التي اولاها الرؤساء كافة ، عناية خاصة ، فلما ظفرو بذلك انقسمت
    القبائل الى قسمين :


    سار الاول على الضفة اليسرى من الفرات ، وكان مؤلفاً من « آل فتلة »
    واتباعهم ، وسار الثاني على ضفته اليمنى وكان مؤلفاً من آل فتلة و « آل
    ابراهيم » و « الغزالات » وجماعة « السيد هادي آل زوين » فلما اقترب
    الطرفان من أبي صخير وصلت الباخرة « فاير فلاي » القسم الاول ناراً حامية ،
    فهاجما القسم الثاني هجوماً عنيفاً ، ثم انصرف الطرفان الى مناجزة الحامية
    البريطانية في القرية ، حتى ارغموها على التحصن وقطعوا عليها سبيل الوصول
    الى الماء .


    وقد اصبحت الشامية وأبو صخير والجعارة والديوانية والرميثة حتى السماوة
    بايدي الثوار كما ان السلطة اخلت كربلاء والنجف من تلقاء نفسها ، واصبحت
    الكوفة في ايدي الثوار على الرغم من وجود الحامية البريطانية متحصنة في بعض
    خاناتها . واتجه الثوار نحو « الكفل » فهرب موظفوها ، واحتلها الثوار في
    العشرين من شهر تموز 1920 .



    معركة الرستمية ( الرارنجية )



    الرستمية اسم لمقاطعة زراعية واسعة تقع بين الحلة والكفل تبعد عن الاولى 18
    كيلومتراً وعن الثانية 12 كيلومتراً وفي يوم 7 ذي القعدة ، 23 تموز
    استعرضت القوة البريطانية مدينة الحلة وكان يقودها ( الكولونيل هاردكاستل )
    وهي مؤلفة بحسب رواية الجنرال هالدن من :


    فصيلين من كتيبة خيالة السند 35 ، البطرية 39 من المدفعية الملكية ، الفوج
    الثاني من رتل مانجستر ، سرية واحدة من رتل مانجستر ، سرية من فوج السيك
    الفني 32 ، حضيرة من سرية المستشفى السيار 24 .


    وفي عصر هذا اليوم الثاني وبينما كان الجنود البريطانيون يحفرون الخنادق
    ويحصنون المعسكر بحسب الاوامر الصادرة ، اذا بقوة الاستطلاع تنبئ عن زحف
    الثوار من ( الكفل ) بقوة تتراوح بين 2500 الى 3000 مقاتل ، فذعرت القوة
    لهذا النبأ , وقد قام رئيس عشيرة العوابد الشيخ مرزوك العواد بحركة التفاف
    خطيرة .


    واصبحت الجيوش الانكليزية بين نارين حاميتين ، واقد اظهر الثوار في حركة
    الاتفاف هذه ، من الفنون الحربية والتفنن في القتال ما حير عقول الانكليز
    وقادتهم . فلما كان المساء ذعرت حيوانات النقل ، العائدة للقوة فسارت في
    وسط الجند ، ونجم عن ذلك اضطراب شديد وشقت العجلات طريقاً لها في وسط القوة
    فتفرق الجند وصار يقتلون بعضهم بعضاً وهم يعتقدون انهم يقتلون الثوار ،
    فكانت الهزيمة ولم ينج من المعركة إلا النـزر اليسير . وقدرت خسائر
    الانكليز في هذه الواقعة ( 800 ) بين قتيل وجريح واسير . كما غنموا مدفعاً
    من عيار 18 رطلاً استعملوه في ضرب الباخرة ( فايرفلاي ) واغراقها في « شط
    الكوفة » بينما لم يخسر الثوار اكثر من بضعة عشر قتيلاً وبضعة عشر جريحاً
    وقد غنمواً 59 مدفعاً رشاشاً وكميات كبيرة من العتاد .


    ان معركة الرستمية مونت الثوار بكل ما يحتاجون اليه من عتاد وذخيرة لمدة
    طويلة مضافاً الى السلاح الذي غنموه من العارضيات .


    ولقد سجلت معركة الرارنجية البطولة النادرة للثوار العراقيينوذلك بقيادة كل
    من الشيخ عبدالواحد الحج سكر و الشيخ سرتيب الفرعون وكثير من مشايخ آل
    فتله واصبحت مثلا يحتذى به في بسالة الثوار الذين كانوا لا يملكون سوى «
    الفالات والمكاوير والسيوف » في الكوفة والحلة والهندية والديوانية وديالى
    وتلّعفر وبعقوبة وشهربان وفي ذرى الشمال قاتل ثوار ثورة العشرين قتالاً
    باسلاً وهزموا القوات البريطانية شر هزيمة ، لقد سجلت ثورة العشرين بطولات
    ناصعة خلال الشهور الثلاثة والنصف التي استمر فيها القتال ضد قراصنة الشعوب
    ومصاصي دمائها قل ان تفت في عضدهم مساومات الخونة وعملاء الاستعمار .



    جبهة الحلة



    الحلة مدينة واسعة تحيط بها قبائل الجبور والبوسلطان وخفاجة وطفيل وال يسار
    والبعض من آل فتلة فبعد ان مني ( رتل مانجستر ) بنكبته في معركة الرستمية
    وزرعت ارض المعركة بجثث رجاله تقدمت القبائل الثائرة نحو ( نهر الطهمازية )
    في موضع يبعد عن الحلة غرباً خمسة كيلو مترات وفي هذه الاثناء قامت قبائل (
    بني حسن ) من سكنة الهندية التابعة للشيخ عمران الحاج سعدون فاحتلت ( قصبة
    طويريج ) بدون مقاومة .


    وهاجمت في الوقت نفسه قبائل اخرى مدينة الحلة في الليلتين 27 و 28 تموز
    هجمات خفيفة لجس النبض فردتها الحامية بيسر فاتجهت قبائل الشيخ سماوي
    الجلوب و الشيخ عبادي الحسين وعمران الحاج سعدون الى سدة الهندية فاحتلتها
    دون مقاومة .



    جبهة السماوة



    اصدرت القيادة العسكرية اوامرها الى القوات بان تتحرك الى ( السماوة )
    فوراً فتحركت في يوم 16 شوال الموافق 3 تموز سنة 1920 م الباخرتان ( كرين
    فلاي ) و ( اف ـ 10 ) وقد كانتا في الناصرية ، قطار مدرع يحمل المؤن ، وكان
    في البصرة ، قوة مختلطة برئاسة الميجر ( مي ) وكانت في الناصرية قوة من
    الدرك المحلي بقيادة اللفتننت ( سميسن ) لخفارة محطة الخضر , وبينما القطار
    المدرع يجد السير للذهاب الى ( السماوة ) خرج عن السكة ، على مسافة ثمانية
    اميال في شمالي ( محطة الخضر ) فتأخر وصوله الى يوم 21 شوال ، 8 تموز وفي
    الوقت نفسه خصصت السلطة قطارين مدرعين لحماية السكة بين الناصرية والسماوة
    خشية ان يهاجمها الثوار او يقلعوا قضبانها .


    وكانت قبائل ( بني حجيم ) مشغولة بمناجزة القوة المحصورة في ( الرميثة )
    ومقاومة حملة الانقاذ التي جاءت لفك الحصار عن هذه القوة ولم تم اجلاء
    الرميثة والديوانية تفرغ عرب القبيلة المذكورة الى حشد جموعهم قرب السماوة
    وعلى رأسهم ( الشيخ شعلان أبو الجون ) وبدأوا يخربون السكة في مواضع مختلفة
    ، بالقرب من ( محطة الخضر ) حيث قوة الدرك المحلي برئاسة اللفتننت (
    سمبسون ) فادى الضرر الكلي الذي الحقوه بالخط ، الى انتهاء حماية القطارين
    لخطوط المواصلات بين الناصرية والسماوة ، وهكذا اصبح الخط تحت رحمة الثوار .


    وصدرت الاوامر في الوقت نفسه الى القطار المدرع بالدخول في المعركة فلم يكد
    يقترب من ميدانها ، حتى تعلق العرب بمركباته ليفتكوا بمن فيه ، ويغنموا ما
    فيه ، ولا سيما وقد قدروا اهمية الفوز في هذه المعركة فالحقوا به اضراراً
    جمة ، واضطره في الاخير الى العودة مدحوراً ، فصدرت الاوامر انذاك الى
    اللفتننت ( سمبسن ) ان ينسحب وحاميته من الخضر بعد ان منوا بخسائر ثقيلة
    فانسحبوا ونار الثورة الحامية تنصب عليه انصباباً ، وقد تحرك معهما قطاران
    مدرعان ، وآخر للنقل فضايق الثوار هذه القطر الثلاثة ، واخرجوا بعض
    مركباتها عن الخط واستولوا ـ عند أخذهم مخفر الخضر ـ على مدفعين فاستعملوا
    احدهما في محاربة القوة التي كانت في محطة السماوة واستعملوا الثاني في
    محاربة القوة المحصورة في ( جسر البربوتي ) الذي يبعد عن شمالي السماوة
    ثلاثة كيلومترات . وكانت اعادة مركبات القطر الى الخط محفوفة بمخاطر ومصاعب
    غير منكورة ، وهكذا تمكنت ( قبائل بني احجيم ) ان تبدد بضربة واحدة آمام
    الحاكم السياسي في السماوة التي كان يعلقها على بقاء ( مخفر الخضر ) بيد
    الحامية الانكليزية .



    جبهة الكوفة



    عهد الثوار الى قبيلة بني حسن بقيادة الشيخ علوان الحاج سعدون المجاورة
    لقصبة الجسر بالكوفة حصار الحامية الانكليزية ومنع الطعام عنها حتى تذعن
    الى الاستسلام ، وقد اتخذت السطلة مختلف التدابير لفك الحصار عن الحامية
    فلم توفق ، وما النكبة التي منيت بها القوة العسكرية في جبهة الرستمية إلا
    احدى الوسائل التي تذرعت بها لهذا الغرض .


    وقد استعمل الثوار مختلف الاساليب البارعة لحمل الحامية المذكورة على
    التسليم فقد تفننوا في هدم البيوت ، وحفر الخنادق وثقب الجدران للوصول
    اليها ومنع الطعام عنها ولولا اكياس الدقيق والعقاقير التي كانت ترميها
    الطيارات عليها ، لماتت جوعاً ، ولفتكت الامراض بها فتكاً ذريعاً .


    وكان الثوار قد غنموا مدفعاً من عيار 18 رطلاً وكانت الباخرة ( فايرفلاي )
    في ( شط الكوفة ) تقلق بال الزعماء وتقض مضاجعهم بما كانت تصبه على الثوار
    من النيران المتواصلة لتحول وبين الحامية ، لانها كانت مجهزة بمدفعين واثني
    عشر رشاشاً وقد صوب الثوار النار على الباخرة فقلبوها ودمروها في 17 آب
    1920 وذلك بالمدفع الذى غنموه من الرارنجية والذى احضره الشيخ عباس لهوف
    وبعد تدميرها ولجوء افرادها الى معامل الحامية بعد ان فقدوا بضعة انفار
    فاستراح الزعماء من شرورها , ولكن الانكليز ركنوا الى طياراتهم ، مع ان
    الثوار لم يكونوا يملكون غير البنادق والمكاوير والسيوف , فكانت هذه
    الطيارات تصب حممها على الجموع ، غير مبالية بما يكون تحتها من مساجد او
    معابد او نساك او زهاد او اطفال او ارامل ، ولعل افجع ما قامت به القاؤها
    القنابل على النساك والمتعبدين في مسجد الكوفة في يوم 8 ذي القعدة سنة 1338
    هـ ، فقتلت جملة من الابرياء وجرحت اكثر من عشرين ناسكاً في محاريبهم ،
    كما قتلت النساء والاطفال وهدمت المسجد المذكور .



    جبهة الدليم



    كان الشيخ ضاري المحمود ، زعيم عشيرة الزوبع ، عدواً لدوداً للانكليز ، وقد
    دعاه الكولونيل لجمن الى مقابلته في ( خان النقطة ) بين بغداد والفلوجة في
    الساعة العاشرة والنصف من صباح يوم الخميس الموافق 12 آب 1920فحضر الشيخ
    ضاري ، وحضر معه اولاده « خميس وسلمان وصليبي » مع جماعة من اولاد عمه ولما
    حضر لجمن صار يقص عليه قصة قبض سلطات الاحتلال على الشيخ احمد الداود
    وافلات كل من جعفر ابو التمن ، والشيخ يوسف السويدي ، وعلي افندي وهروبهم
    الى منطقة الفرات الاوسط ومن ثم وجه له الاهانة باتهامه انه قاطع للطريق هو
    وعشيرته فخرج من الخان والالم يحز في نفسه ، وبعد لحظات عاد ومعه ولده
    سلمان وابناء عمه صكب وصعب فوجهوا فوهات بنادقهم الى رأس لجمن واطلقوا
    النار عليه فاردوه قتيلاً ثم اجهز عليه الشيخ ضاري بسيفه ، واتجه الجميع
    الى قبيلة المحامدة ، قرب الصقلاوية حيث اخذ الشيخ ضاري يراسل زعماء الثورة
    في كربلاء فعم الهياج منطقة الدليم من ( خان النقطة ) الى ( عانة ) وقد
    اشتركت عشيرة زوبع اشتراكاً فعلياً ، حيث انتقل الشيخ ضاري الى ( خان
    العطيشي ) بين كربلاء والمسيب واتخذه مركزاً لقيادة الحديدية الذاهبة الى
    الفلوجة وعرقلوا بذلك وصول الامدادات الى جيوش الاحتلال وفي 18 أيلول 1920
    اضطرت احدى الطائرات البريطانية الى الهبوط قرب الفلوجة فحطموها الثوار
    واسروا ركابها اما الشيخ ضاري المحمود ، فقد استثناه المندوب السامي (
    السير برسي كوكس ) من قرار العفو العام الذي اصدره في 30 ايار 1921 فبقي
    يجوب الفيافي والقفار ، وقد اصدرت الحكومة البريطانية مبلغاً من المال لمن
    يأتي به حياً او ميتاً .


    وفي خريف سنة 1927 استاجر الشيخ ضاري سيارة للذهاب الى ( حلب ) فجاء به
    سائق السيارة الارمني ( ميكائيل كريم ) الى السلطات الحكومية في ( سنجار )
    فاعتقلته وحوكم امام محكمة الجزاء الكبرى في بغداد ، فقضت بالحكم عليه
    بالاعدام ، ولكنها ابدلت العقوبة الى السجن المؤبد ، ولم يبق في السجن أكثر
    من بضعة أيام حتى توفاه الاجل المحتوم في يوم أول شباط 1928 .



    جبهة ديالى



    في الثامن من شهر آب شرعت القبائل من البوهيازع والعزة في تخريب السكة
    الحديدية ،وذلك بعد ان اشعل الشيخ حبيب الخيزران شيخ عشيرة العزة فتعطلت
    المواصلات بين العراق وايران ، وهو ما اراده زعماء الثورة ، وانقطع سير
    القطار فوراً ، وشعر الحاكم العسكري السياسي في « بعقوبة » بالخطر يحيق به
    فخرج منها هارباً فاحتلها الاهلون واقاموا السيد محمود المتولي حاكماً
    عليهم ، وتخذوا دائرة البريد مقراً للحكومة ورفعوا عليها العلم العراقي وما
    كادت انباء الثورة في ( لواء ديالى ) تصل مسامع القيادة العامة في بغداد
    حتى جن جنونها فجهزت قوتين ، ولكن فقدان المواصلات بين بغداد وبعقوبة وعدم
    انتظامها حال دون وصولها ، كما ان الثوار سرعان ما تقدموا الى قرية (
    قزلرباط ) ( السعدية ) واحتلوها وتحركت القوتان المذكورتان من ( بغداد ) في
    اليوم العاشر من شهر آب ، وقد هاجمها الثوار في 27 ذي القعدة 12 آب هجوماً
    عنيفاً اذهل خيالتها وجعل الذعر يتسرب الى حيواناتها فلما استرجعت رشدها
    وتجمعت قواها شرعت مدفعيتها في قصف الثوار قصفاً شديداً كما قامت القوة
    الثانية بحرق القرى .


    وفي اليوم التاسع من شهر أيلول 1920 احتل الجيش البريطاني « شهربان » وبعد
    ان وطد الاحتلال قدمه في بعقوبة وشهربان سار اللواء الخامس والسبعون الى
    قصبة « دلتاوه » التي تبعد 20 كيلومتراً عن بعقوبة شمالاً بشرق فاحتلها بعد
    مقاومة طفيفة واعلن الاحكام العرفية فيها وقد حرقت بيوت جميع الذين
    اشتركوا في الثورة في دلتاوه وصودرت اموالهم ، ثم انتقل الجيش الى السعدية
    القائمة على ( نهر ديالى ) تسانده الطيارات من الجو والمدافع من البر ، وفي
    28 ايلول احتل الجيش قزلرباط بدون مقاومة ، وبذلك انتهت الثورة في لواء
    ديالى .



    جبهة كفري وكركوك



    جمع الشيخ ابراهيم خان رئيس عشائر الدلو ، لفيفاً من افراد عشيرته وجماعة
    من الجاف وصعد بهم الى جبل ( بابا شهوار ) الذي يطل على كفري وشرع اطلاق
    الرصاص على سراي الحكومة فيها وقد اصر الكابتن سلمن ان يصعد الى الجبل
    لملاقاة زعيم الحركة ، وما كاد يرتقي الجبل حتى اوقفه الثوار فيه ، وهجموا
    على السراي وجردوا « الشبانة » من سلاحها ، ونزعوا العلم البريطاني عن
    ساريته ونهبوا ما كان في الدوائر الاميرية من مال وعتاد واثاث . وقام
    الثوار بقتل الحاكم سلمن في يوم 26 آب 1920 .


    وفي كركوك تشكلت جمعية سرية تبشر بعودة الاتراك اليها ، وتعمل من الناحية
    الاخرى مع الوطنيين في سائر انحاء العراق على مناهضة الاحتلال وكان الشيخ
    قادر الباه منصور الطالباني قد انتخب متعمداً لرؤساء القبائل الذين انتموا
    الى هذه الجمعية السرية في حينه وتجاوباً مع الثورة في كفري اتخذ الشيخ
    قادر الياه منصور الطالباني التدابير اللازمة لقطع المواصلات ، وقد هاجم
    جيش الاحتلال قرية الشيخ قادر بالمشاة والطائرات ، فما وسع الشيخ غير
    الفرار بعد ان دحرت قريته واهلكت مواشيه فبقي شريداً حتى شمله قرار العفو
    العام الصادر في 30 أيار سنة 1921 اما بقية اعضاء الجمعية فقد قبضت السلطة
    على بعضهم واستطاع البعض الاخر ان يفلت من اجراءتها .



    الثورة في قلعة سكر



    كانت عندما اندلعت الثورة في « الرميثة » و « أبو صخير » وغيرهما في قرى
    الفرات الاوسط حاول « الكابتن كراوفورد » حاكم قلعة سكر . السياسي ان يخفف
    من نشاط الوطنيين في القلعة ، فصمد له بعض المتحمسين واطلق النار عليه ،
    ولكنه نجا من الموت وطلب الى الحاكم الملكي العام ان يوافيه ببعض الطائرات
    لارهاب الاهلين ولكن الحاكم اوعز اليه بالسفر الى الناصرية وذلك لحراجة
    الوضع الذي تعانيه قوات الاحتلال .


    وعندما غادر « الكابتن كراوفورد » قلعة سكر من منتصف ذي الحجة 1338 هـ ،
    عمد الاهلون الى دار الحكومة فاتحلوها ، والى الحرس المحلي « الشبانة »
    فجردوه من السلاح والى العلم البريطاني فأنزلوه ، واجتمع لفيف من الزعماء
    والرؤساء ، في جوار القلعة ، في موضع يسمى « المصيفي » ووقعوا هذا الميثاق :






    1 ـ المطالبة باستقلال العراق استقلالاً تاماً ناجزاً .
    2 ـ المحافظة على المؤسسات الحكومية المفيدة : كالمستشفيات ، والجسور ،
    وغيرها والانتفاع بها عند الحاجة .
    3 ـ اتباع ما يأمر به العلماء المجتهدون .
    4 ـ ان تتعهد كل قبيلة بمحافظة الطريق الذي يخترق حدودها ، وان تضمن ارواح
    المسافرين فيها واموالهم .
    5 ـ تأليف هيئة محلية في كل بلد يحتله الثوار تكون مهمتها المحافظة على
    الامن والسهر على ارواح الاهلين .


    الثورة في الشطرة


    كان من اسباب عدم نهوض العشائر في الشطرة بقسطها في الثورة تواطؤ الشيخ
    خيون العبيد مع الحاكم البريطاني وبطانته .


    ويقول « برترام توماس » حاكم الشطرة السياسي انه لما تلقى الامر بمغادرة
    الشطرة اصطحب الشيخ خيون العبيد وسائر الشيوخ الموالين الى المطار ومعه
    قائد الشبانة وخاطبهم بانه سيعود اليهم بعد ان يستتب الامن والنظام ، وانه
    اودع منصبه الى الشيخ خيون .


    ويقول الجنرال هالدن « ان الشيخ خيون لم يصغ لنداء الجهاد الذي اعلنه
    العلماء ضدنا ، واحتفظ بولائه لنا حتى الاخير » . و « ان جهود الشيخ
    المذكور كانت السبب الريئسي في عدم توسع الثورة وشمولها لمنطقة شط الحي
    ولكن وفي هذه الفترة نفسها وصل من النجف « الشيخ محمد نجل المجتهد الشيخ
    حبيب الله » حاملاً راية خضراء لاستنهاض القبائل فجمع حوله لفيفاً من
    المسلمين التابيعن لقبائل خفاجة آل ازيرج واهل الشطرة والقرى المجاورة وعسر
    بهم في « البطيخة وتبعهم جمهور كبير من « البو سعيد» «بني زيد» فمكثوا مع
    الثوار زهاء اربعة اشهر يهاجمون الناصرية بين الفينة والفينة دون نجاح .



    الثورة في سوق الشيوخ



    لم يكد رؤساء سوق الشيوخ وزعماؤها يتلقون انباء الثورة في الرميثة واطرافها
    حتى اعلنوا خصومتهم للسلطة الحاكمة فاضطر معاون الحاكم السياسي فيها الى
    ترك القصبة ، والفرار الى الناصرية وقد اطلقت عليه النار ذات يوم وهو في
    زورقه البخاري فنجا من الموت باعجوبة ، وتسلم الثوار ادارة القصبة ، ورفعوا
    العلم العراقي بدل العلم البريطاني على المؤسسات الحكومية وكونوا حرساً
    محلياً لحفظ الامر على نحو ما فعلوه في قلعة سكر والشطرة ثم جردوا قوة
    وطنية تمثل سوق الشيوخ والقبائل المحيطة بها وعسكرت في جبهة الناصرية
    الشرقية لتشديد الحصار على الحامية البريطانية المتجمعة فيها من اطراف
    اللواء واستمرت في المناوشات معها طوال ايام الثورة على شدة القصف الجوي
    الذي كانت قد تعرضت اليه .



    بوادر فشل الثورة



    لما انسحبت الحاميات البريطانية والممثلون السياسيون في قلعة سكر والشطرة
    وسوق الشيوخ الى الناصرية ، تجمعت حول الناصرية جموع غفيرة من بني سعيد
    برئاسة الشيخ مظهر الحاج صكب وبني زيد وبني ركاب ولفيف من خفاجة والازيرج
    برئاسة الشيخ خوام العبدالعباس وحجام وغيرها ، فكانت هذه الجموع تغير على
    معسكرات الجيش البريطاني في بعض الليالي وتوقع فيها بعض الاضرار ، ولكن عند
    انتهاء الثورة في الفرات الاوسط ذابت جبهة المنتفك قبل ان يحدث اي التحام
    منظم بينها وبين قوات الاحتلال كما حدث في اواسط الفرات ، وعاد الثائرون
    الى منازلهم لمجرد ان ترامت اليه الاخبار بانصراف اخوانهم ، فاصدرت سلطات
    الاحتلال في بغداد البيان التالي :


    « اشعر حاكم سياسي الناصرية في 17 تشرين الثاني ان الموقف في المنتفك اخذ
    بالتحسن وقد جاء الينا اربعة شيوخ من البو سعيد في الغراف . وقد كتب لنا
    موحان الخير الله يقول انه ينتظر ان يسود الامن في الطريق ليأتي الينا .
    وفاتحنا بالمفاوضة ثلاثة آخرون من كبار الشيوخ التي كانت قرب السكة
    والزعماء الآن في المدينة يتفاوضون مع الحكومة » .


    ويقول ايرلند في كتابه « وعندما ضغطت على امير ربيعة بدفع ما كان مستحقاً
    عليه من بقايا الضرائب في 1922 افاد بانه كان قد وعد من قبل البريطانيين في
    سنة 1920 بان يعفى من الضرائب لقاء مساعدتهم في ايقاف انتشار نيران الثورة
    في وادي دجلة وهو وحده الذي حال دون نشوبها هناك .



    الهجوم البريطاني العام



    يقول « الجنرال هالدن » قائد الجيوش البريطانية في العراق ، انه ابرق الى
    وزارة الحربية البريطانية في لندن ان تأذن له بسحب فرقة كاملة من الهند
    لاخماد الثورة التي شب اوارها في الفرات الاوسط .


    ولما انتهى شهر تموز اخذت القوات البريطانية تتوارد على العراق ، وانتقلت
    القيادة البريطانية في الوقت نفسه من « كرند » الى بغداد ؛ فتعزز موقف
    سلطات الاحتلال ، وكثر الاحتياطي لديها .


    اما الثوار ، فانهم كانوا قد صرفوا القسم الاعظم من نشاطهم وجهودهم حتى
    عتادهم خلال شهري تموز وآب سنة 1920 . ولما كان امد الثورة قد تجاوز الخمسة
    اشهر ، كان لزاماً ، والحالة هذه ان تهبط كميات من المؤن لديهم ، وان
    يتسرب الوهن الى قواتهم ، لا سيما ولم تأتهم امدادات ولا ذخائر ولا أموال
    لا من خارج العراق ولا من داخله . يضاف الى سبب رئيسي وهو ان بعض شيوخ
    العشائر كانوا يهدفون الى انتهاز الفرصة للحصول على اكبر المغانم
    والاقطاعيات بممالأة سلطات الاحتلال والدفاع عنها احياناً ومنع انتشار
    الثورة الى مناطق اخرى وذلك بالوقوف في وجه الثوار ، وفعلاً فقد استفاد
    هؤلاء فوائد جمة وتوسعت رقع اقطاعياتهم وامتلأت خزائنهم باموال الخيانة
    والسحت الحرام .


    كما ان سلطات الاحتلال عمدت الى استعمال القصف الجوي بالطائرات واكتساح
    المناطق الثائرة بالمصفحات ، وفي وقت لم يكن بأيدي الثورا غير البنادق
    والمكاوير والسيوف والعزيمة الصادقة في القتال والايمان بشرعية ما يدافعون
    عنه .



    احتلال طويريج



    بعد ان استطاعت سلطات الاحتلال اخماد نار الثورة في لواء ديالى وارجعت
    الفلوجة الى قيود الاحتلال واستردت هيت . رأت ان الوقت قد حال للقيام بهجوم
    عام على جبهات القتال في الفرات الاوسط فعهدت الى اللوائين 53 و 55
    بالهجوم ، فتحرك اللواء 53 عليها في يوم الثلاثاء 28 محرم سنة 1339 هـ ، 12
    تشرين الاول سنة 1920 م واشتبك مع الثوار مع معركة حامية واستطاع احتلال
    طويريج .



    استسلام كربلاء



    لم تر كربلاء بعد دخول الانكليز طويريج بدا من الاستسلام للسلطة فقررت
    حكومتها المؤقتة ارسال وفد يعرض على مقر اللواء 53 طاعة المدينة ويعلن
    استعدادها للتسليم ، ويقبل بشروط الاستسلام القاسية التي فرضتها سلطات
    الاحتلال .



    احتلال سدة الهندية



    وقد اتجه قسم من الرتل 53 من الحلة الى المحاويل في العاشر من تشرين الاول
    فاحتلها بيسر ثم تقدم نحو « خان الحصوة » فسيطر عليها واتجه نحو قصبة
    المسيب فتصدى له الثوار بشدة ولكنه تغلب على تصديهم هذا واستولى على القصبة
    ثم تقدم نحو السدة .


    وباحتلال السدة يكون الجيش البريطاني قد امتلك « مقتاح الفرات الاوسط »
    واصبحت المبادرة بيده ، فكان لا بد من اتخاذ الثوار جميع الخطوات اللازمة
    لانهاء القتال ، على انهم لم يتخلوا عن قتال المشاغلة .



    الزحف على الكفل



    في اليوم الذي خرج فيه اللواء الى ( 53 ) من الحلة لاحتلال طويريج خرج منها
    ايضاً اللواء ( 55 ) لاتسرجاع الكفل من ايدي الثوار ، فتقدم نحو « خط قناة
    الحمصانية » الى مسافة 6 اميال على طريق الكفل وقناة الشاه فأنشأ بين
    الحصون ، وسوى الطريق ، وكان الثوار قابضين على خط قناة الحمصانية بقوات
    كبيرة مع 14 علماً فأجلاهم عنه ، تعضده المدافع بعد معركة استغرقت عدة
    ساعات وانتهت بالاخلاء المذكور اذ لم يكن في امكان الثور الصمود امام قوات
    تفوقهم عدة وعدداً .


    على ان القيادة البريطانية لم تكتف بالجيش الزاحف على « الكفل » فأمدته
    بقوات اضافية كبيرة وقد اسقط الثوار احدى الطائرات واسروا ملاحيها ولكن ما
    لبث اللواء ( 55 ) ان واصل تقدمه نحو القصبة فاحتلها ، ونصب جسراً لعبور
    الفرات الى الضفة الاخرى ، فحاول الثوار تخريب الجسر ، إلا أن الجيش دحرهم ،
    وعبر النهر فهدم البيوت وفتك بالابرياء وسبى النساء فانسحبت القبائل الى
    جهة جسر الكوفة ، تاركة وراءها بعض الخسائر الطفيفة فلحق الجيش بها . وقد
    ابلى الثوار في الدفاع عنها بلاء مجيداً ولكن دون جدوى لان الحامية
    المحصورة في أسواق الجسر اشتركت في القتال .



    فك الحصار عن حامية الكوفة



    لم يمكن الثوار اللواء ( 55 ) من احتلال الكوفة بيسر فقد استمروا في اطلاق
    النار على الفرسان الكشافة وعلى الطيارات التي كانت ترمي الرسائل الى
    الحامية ، بشدة ثم اشتبك الطرفان في معركة حامية ، وامطرت الطائرات ابناء
    القبائل وابلا من قنابلها حتى الجأتهم الى الانسحاب من مواضعهم الدفاعية ،
    فدخل الجيش الكوفة في الساعة التاسعة والنصف من صباح اليوم الخامس من شهر
    صفر سنة 1339 هـ الموافق 18 تشرين الاول 1920 م ، وافرج عن الحامية
    المحصورة .


    اما مجموع الخسائر في الكوفة من الحصار ، فأنه يبلغ 22 قتيلاً ومائة من
    جراء الجروح بينهم ضابطان بريطانيان وثلاثة مفقودين و 27 مجروحاً .


    على ان مناوشات الجيش البريطاني الذي استقر في ضواحي الكوفة ظلت مستمرة مدة
    شهر كما ابدت ذلك البلاغات الحكومية .


    احتلال النجف : تبعد النجف عن الكوفة غرباً نحو عشرة كيلومترات ، وتربطها
    بها سكة حديد ترامواي انشأتها شركة أهلية عام 1325 هـ وقد رأى « المجلس
    العلمي الاعلى » في هذه المدينة المقدسة ، ان مدينة النجف التي اخذت عاصمة
    للثورة ، اصبحت هدفاً للواء ( 55 ) كما ان المجلس المذكور تلقى انذاراً من
    القادة في هذا اللواء بوجوب تسليم الاسرى المعتقلين في المدينة قبل بزوغ
    شمس اليوم السابع من شهر صفر ، العشرين من شهر تشرين الاول ، فقرر ارسال
    وفد يمثل المدينة ليعرض طاعتها على مركز اللواء من جهة وليوصل الاسرى
    المعتقلين في النجف الى المقر المذكور من جهة اُخرى . وقد جرى تسليم الاسرى
    في الموعد المحدد .


    وفرضت على النجف كمية كبيرة من السلاح والعتاد كغرامة حربية ، فبلغ مجموع
    ما سلمته 1176 بندقية حديثة الصنع و 14291 بندقية صالحة للاستعمال ، مع
    ثمانية رشاشات لويس ، ورشاشتين من طراز هوشكس ونحو 200000 خرطوشة .


    وفي يوم 15 ربيع الاول 1339 ، 27 تشرين الثاني 1920 زحف اللواء الـ ( 55 )
    على مدينة النجف ودخلها قبيل الظهر ، ولما كانت المدينة مسورة ، وكان للسور
    اربع بوابات فقط فقد أمر الاهلين بالدخول الى المدينة ، وما لبث ان سد
    ابواب السور تاركاً ستين الف نسمة بدون ماء ولا طعام ، فانتشرت المجاعة بين
    السكان وفتكت الامراض بهم ، واضطر الاهلون الى استعمال مياه الابار
    المالحة ، ولم يسمح لاحد بالدخول الى المدينة او الخروج منها إلا بجواز
    واستمرت الحال على هذا المنوال شهراً لقي خلاله من البلايا والرزايا ما لا
    طاقة للبشر بتحمله .



    استمرار الكفاح



    بعد ان احتل اللواء ( 55 ) جسر الكوفة وافرج عن الحامية المحصورة في
    الخانات ، على النحو الذي فصلناه ، بدأ الثوار يحتشدون في بساتين ابو صخير
    للدفاع عن انفسهم اذ لم يبق امامهم غير احد امرين اما الاستسلام للسلطة ،
    أو الدفاع حتى النهاية فاختاروا الدفاع حتى ينجلي الموقف وتعلن سياسة
    المحتلين .


    يقول البلاغ البريطاني الصادر في 26 تشرين الثاني 1920 .


    « هجمت الطيارات على أبو صخير ، وعلى الحيرة ،في 23 تشرين الاول وقذفت
    عليهما طنين ونصف طن من القنابل ففتكت بهما » .


    وفي بلاغ آخر « هجمت الطيارات في 27 تشرين الاول على جموع من الثائرين في
    جوار ابو صخير ، وفي ليلة الـ ( 27 ) هجم مقدار 400 او 500 ثائر على معسكر
    اللواء الـ ( 55 ) في الكوفة وكانت تساندهم قوة كبيرة ، وعندما اصبحوا على
    مسافة اربعمائة ياردة صوبت النار عليهم فجأة فتقهقروا تحت نيران مدافعنا » .


    وقد استمر تبادل اطلاق الرصاص بين الثوار وبين رجال الجيش البريطاني اكثر
    من اسبوعين وباستسلام كافة شيوخ ورؤساء عشائر الفرات الاوسط تم لسلطات
    الاحتلال السيطرة على هذه المنطقة الحيوية التي استطاعت ان ترعب الانكليز
    وان تكبدهم الخسائر الفادحة .



    استمرار الحركات حول السماوة



    كانت جبهة السماوة اقوى جبهات القتال في الثورة العراقية وقد كانت السماوة
    ما تزال في قبضة الثوار ، يوم استردت القوات البريطانية المبادأة وساقت
    قواتها على طويريج والسدة والمسيب والكوفة ، ويوم بسطت سلطانها على كربلاء
    والنجف وسائر اجزاء الشامية . وقد جردت الحكومة البريطانية قواتها الخاصة
    لاسترداد السماوة ، فتحركت عليها في اليوم الثاني عشر من شهر تشرين الاول
    اللواءان ( 53 ) والـ ( 55 ) .


    والواقع ان قبائل بين احجيم التابعة لقضاء السماوة ابت ان تلقي السلاح وهي
    صاغرة فندبت سلطات الاحتلال السيد محمد السيد محمود ( من وجوه السماوة )
    لمفاوضة روؤسائها في امر انهاء القتال صلحاً ، فقبل الرؤساء هذا العرض ،
    وعينوا وفداً برئاسة غثيث الحرجان للمفاوضة والظاهر ان السطلة ندمت على ما
    عرضته ، او انها ارادت اذلالا للقبائل حرباً لحملها على قبول الشروط التي
    تفرضها هي ، فاشتبكت معهم من جديد في معركة حامية كلفت الطرفين خسائر فادحة
    في الاموال والانفس .


    على اثر ذلك استؤنفت المفاوضات فتوصل الطرفان الى توقيع الاتفاق التالي في
    20 تشرين الثاني 1920 :







    1 ـ ان تكون للعراق حكومة عربية مستقلة .
    2 ـ ان لا تطالب عرب قبائل بني احجيم بكل شيء خسرته الحكومة اثناء الثورة ،
    عدا ما تراه اعين رجال الحكومة باقياً في ايديهم .
    3 ـ ان لا يؤدي عرب القبائل المذكورة شيئاً من الضرائب الاميرية لسنة 1920
    لانهم لا يستطيعون ان يسلموا هذه الضرائب بسبب ما لحقهم من الاضرار الفادحة
    من جراء القيام بالثورة .
    4 ـ ان يأخذوا على عهدتهم محافظة السكة الحديدية التي تمر بهم على طول
    منطقتهم .
    5 ـ ان يتعهدوا بتوطيد الامن وحماية السلم في جميع اراضيهم .
    6 ـ ان يسلموا الى الحكومة 2400 بندقية



    ابن دجلة الخير
    ابن دجلة الخير
    مشرف القسم الاسلامي


    عدد المساهمات : 462
    نقاط : 57195
    السٌّمعَة : 1
    تاريخ التسجيل : 21/06/2009
    العمر : 43
    الموقع : العراق

    ثورة العشرين---على الاحتلال البرطاني13/08/1920 Empty تابع للموضوع

    مُساهمة من طرف ابن دجلة الخير السبت يونيو 12, 2010 1:11 pm

    تشرفت ارض الطف بضم جثمان أبي الاحرار وسيد الشهداء أبي عبد الله الحسين(ع)
    واصحابه الغر الميامين فأصبح قبره المطهر أحد مراكز انطلاق الثورات

    ثم بدأت الثورات
    تنطلق من ارض الطف الواحدة تلو الأخرى حتى ثورة العشرين المعروفة بالثورة
    العراقية الكبرى بقيادة المرجع الديني الأعلى للطائفة الامامية ورئيس
    الحوزة العلمية في كربلاء المقدسة الشيخ الميرزا محمد تقي الشيرازي المتوفى
    سنة 1338 هجرية ضد الاحتلال الانكليزي، تلك الثورة التي سجلت علامة فارقة
    في تاريخ العراق الحديث وكانت إرهاصاً للثورات المتتالية على مر العقود
    التي تلتها.. وخلقت حالة من المشاعر الدينية الوطنية الواعية والمتقدمة في
    رؤيتها للأمور ولسياسة المستعمر الذي يهدف إلى تكبيل العراق بمعاهدات تجعله
    تابعاً ذليلاً للتاج البريطاني وتقتل فيه كل روح للتطور والتقدم
    والازدهار.. كشفت تلك الثورة عن أن المستعمر مهما أوتي من قوة تتيح له
    احتلال الأرض وقتل الأبرياء فإنه لا يستطيع أن ينتزع منه الإحساس بالظلم
    والقابلية على الانتفاض لو توفرت له القيادة الحكيمة والواعية لدورها
    ولمسؤولياتها.. تلك القيادة التي تجسدت في هذه الثورة بقائدها الميرزا محمد
    تقي الشيرازي.
    وآل الشيرازي من الأسر العلمية المعروفة والسلاسل الذهبية التي ظهر فيها
    غير واحد من اساطين الدين وشيوخ الاجتهاد والزعامة الدينية ولا تزال لهم
    المرجعية في أسباطهم حتى اليوم منهم سيد الطائفة آية الله العظمى السيد
    محمد الشيرازي أحد مراجع الفتوى والتقليد في قم وقد شع ضوء هذا البيت
    الجليل في شيراز وكربلاء المقدسة في اوائل القرن الثالث عشر الهجري منذ عهد
    جدهم الشيخ أبي الحسن الميرزا محمد علي الشيرازي المتوفى سنة 1229هجرية
    وهو اول من هاجر من شيراز إلى كربلاء المقدسة وسكن في محلة المخيم ولا يزال
    داره موجوداً حتى اليوم وقد انجب هذا البيت الجليل عدداً من العلماء
    الاعلام ترجم لهم شيخنا الأستاذ الشيخ اغا بزرك الطهراني في الذريعة
    والطبقات والسيد محسن الأمين في موسوعته الخالدة اعيان الشيعة المجلد
    الرابع صفحة 561 والمجلد التاسع صفحة 192 وقال في ترجمة زعيم الثورة
    العراقية الشيخ الميرزا محمد تقي الشيرازي (... كان والده من أهل الورع
    والدين جاور في الحائر واخوه الميرزا محمد علي سكن شيراز وكان من مراجعها
    وهم بيت حكمة وعلم وادب ينظمون الشعر الرائق بالفارسية وقد كان عم المترجم
    من مشاهير الشعراء...)(2) ومنهم الشيخ محب علي بن الشيخ أبو الحسن الميرزا
    محمد علي الشيرازي المتوفى سنة 1290 هجرية وكان من اكابر علماء الحائر
    الشريف وهو والد زعيم الثورة العراقية الكبرى، ومنهم الميرزا حبيب الله
    المعروف بآغا آني بن الشيخ الميرزا محمد علي الشيرازي المتوفى سنة 1272
    هجرية وكان من اشهر شعراء عصره وهو عم زعيم الثورة العراقية، وغيرهم من
    الأعلام والأفذاذ.
    الشيرازي زعيم الثورة العراقية
    ذكره شيخنا الأستاذ في موسوعته الخالدة طبقات اعلام الشيعة ووصفه قائلاً:
    (...الحائري الشيرازي زعيم الثورة العراقية ومورى شرارتها الأولى من اكابر
    العلماء وأعاظم المجتهدين ومن اشهر مشاهير عصره في العلم والتقوى والغيرة
    الدينية... ثم ينقل عن السيد حسن الصدر الكاظمي قوله... عاشرته عشرين عاماً
    فما رأيت منه زلة ولا انكرت عليه خلة وباحثته اثنتي عشرة سنة فما سمعت منه
    إلا الأنظار الدقيقة والأفكار العميقة والتنبيهات الرشيقة. ثم اضاف شيخنا
    الأستاذ تعليقه على قول السيد الصدر قائلاً... وقد تتلمذت عليه وحضرت بحثه
    ثماني سنين في سامراء فتأكدت لدي صحة كلام سيدنا الصدر وبانت لي حقيقته
    وصدق الخبر وتحققنا ذلك من طريقي السمع والبصر ولم تشغله مرجعيته العظمى
    واشغاله الكثيرة عن النظر في أمور الناس خاصهم وعامهم فقد كان ينتهز من
    وقته المستغرق بأشغاله فرصة يخلو فيها للتفكر في مصالح الناس وامور العامة
    وحسبك من اعماله الجبارة موقفه الجليل في الثورة العراقية ومطالبته بالحقوق
    المهدورة والأمر بالدفاع واصداره تلك الفتوى الخطيرة التي اقامت العراق
    واقعدته لما كان لها من الوقع العظيم في النفوس وحقاً انه بذل كل ما بوسعه
    من حول وطول وضحى بكل غال ونفيس حتى أولاده وماله وقضية إلقاء القبض على
    ولده الميرزا محمد رضا معروفة فقد فدى استقلال العراق بنفسه وأولاده وكان
    افتى قبلها بحرمة انتخاب غير المسلم وذلك لما حمل الانكليز الشعب العراقي
    على انتخاب معتمد الحكومة البريطانية السير برسي كوكس رئيساً للحكومة
    العراقية فانه (أعلى الله مقامه) شعر بالحيلة المدبرة من المستعمر وعرف
    المغزى وانكشف له المخبأ فعند ذلك اصدر فتواه وابدى رأيه الصائب فلم يكن من
    العراقيين إلا امتثال امره فقد كانوا طوع إرادته لا يصدرون إلا عن رأيه
    وقد عقدت اجتماعاتهم في داره بكربلاء عدة مرات كان احدها - ولعله آخرها -
    اجتماعهم ليلة نصف شعبان عام وفاته (1338هجرية) فقد عرضوا عليه بتلك الجلسة
    نواياهم وتعهدوا له بان فيهم القوة الكاملة فلم يزد في أول مرة على قوله
    (إذا كانت هذه نواياكم وهذه تعهداتكم فالله في عونكم) ولما بدت أعمال
    الحكومة الشنيعة استنكرها استنكاراً عظيماً واجتمع إليه العلماء والزعماء
    والرؤساء يستفتونه في القيام ضد السلطة راغبين بأن تكون فتواه بداية الشروع
    في الثورة فعند ذلك اصدر فتواه الآنفة الذكر(3).
    وقال الشاعر العراقي محمد مهدي الجواهري في مدحه


    ومحيى لليل التم يحمى بطرفه *** ثغوراً
    اضاعتها العيون الهواجـع


    تكاد إذا ما طالع الشهب هيبـة *** تخـر لمـــرآهُ النجـــوم
    الطوالـــع


    مدبر رأي كلف الدهـــر همــه *** فناء بمـا اعيابـــه وهـــو
    ظالــــع


    مهيب إذا رام البــلاد بلفـظـــة *** تدانت لـه اطرافهـــن
    الشواســـع


    ينام باحدى مقلتيــه ويتـقــــى *** باخرى المنايا فهو يقضان هاجع




    كربلاء مركز قيادة الثورة







    حضرة العلامة المجتهد الاكبر آية الله الميرزا محمد تقي الدين الشيرازي دام
    علاه

    بعد تقديم مراسيم التحية والسلام

    نعرض لحضرتكم أن قسماً من قواتنا قد وردت إلى هذه الأنحاء لأجل حفظ الأمن
    والقاء القبض على عدد من الأشرار الذين يقصدون الإفساد ونهب الأموال والقاء
    الرعب في قلوب الاهلين وان قواتنا هذه لم تتعرض للصلحاء الابرار فنرجوا أن
    تطلعوا على هذه المسألة لكي يرتفع الرعب والاضطراب عنكم وفي الختام نقدم
    لحضرتكم فائق الاحترام.

    حاكم الحلة - الميجر بولي - 22 حزيران 1920م

    فأرسل الإمام الشيرازي إلى الميجر بولي أن يحضر عنده للتفاوض والتفاهم قبل
    أن يرتكب أي خطأ ربما يستحيل تلافيه فلم يقبل الحاكم الانكليزي بالتفاوض
    فكتب إليه الإمام الشيرازي الكتاب التالي:
    إلى الحاكم السياسي للحلة الميجر بولي هداه الله

    قرأنا كتابكم وتعجبنا غاية العجب من مضمونه حيث أن جلب العساكر لمقابلة
    الأشخاص المطالبين بحقوقهم المشروعة الضرورية لحياتهم من الأمور غير
    المعقولة ولا تطابق أصول العدل والمنطق بوجه من الوجوه ويحتمل أن الأشخاص
    الذين يقصدون الاستفادة من إيجاد الخلاف بين اهالي العراق والإنكليز هم
    الذين غشوكم لينالوا بواسطة ذلك مقاصدهم وفي الليلة الماضية اردت مقابلتكم
    لرفع الشك في نفسكم كي لا تغفلوا عن هذه النكتة ولكنكم امتنعتم عن ذلك وان
    نظريتنا في أمور المملكة اصلح وانفع من سوق الجيوش واستعمال القوة الجبرية
    وادعوكم عجالة لابلغكم أن توسلكم بالقوة في قبال مطالب البلاد واستدعاءاتها
    مخالف للعدل ولادارة البلاد وإذا امتنعتم عن المجيء في هذه المرة أيضا
    فستصبح وصيتي للأمة بخصوص مراعاة السلم ملغاة في ذاتها واترك الأمة وشأنها
    وبهذه الصورة تقع مسؤولية نتائج السوء عليك وعلى اصحابك وفي الختام لي
    الأمل أن تؤثر فيك هذه النصيحة كي لا يقع ما يفسد النظام والامن ولكي لا
    تكونوا سبباً لاراقة دماء الابرياء.

    محمد تقي الشيرازي - كربلاء 5 شوال 1338

    فقدم الميجر بولي قائمة أسماء إلى الإمام الشيرازي لتسليمهم إليه مقابل رفع
    الحصار عن كربلاء وتضمنت أسماء كل من الشيخ محمد رضا نجل زعيم الثورة
    الإمام الشيرازي والشيخ عبد الكريم العواد ومحمد شاه الملقب بالهندي واحمد
    القنبر والشيخ هادي كمونة والشيخ كاظم أبوذان والسيد محمد علي الطباطبائي
    والشيخ عمر والحاج علوان وابراهيم أبي والده وعبد المهدي القنبر والسيد
    احمد البير وعثمان العلوان والسيد محمد علي هبة الدين الشهرستاني وابو
    المحاسن ثم تردد هؤلاء عن الذهاب إلى الحاكم الميجر بولي خوفاً من انه
    سينفيهم من كربلاء عند وصولهم إليه غير أن الإمام الشيرازي امرهم بالذهاب
    إليه ولو أدى ذلك إلى شنقهم فأجابوا امره وساروا إلى الحاكم الانكليزي
    الميجر بولي يوم 5 شوال سنة 1338 هجرية وقد اعتقلوا حين وصولهم ونقلوا إلى
    الحلة ومنها إلى البصرة ومن هناك إلى جزيرة هنجام.
    اجتماع العلماء والحاكم العسكري في النجف
    طلب الحاكم العسكري في النجف الاشرف إلى العلماء يرجوهم الحضور إلى دار
    الحكومة للقائه ولما تم الاجتماع بحضور سماحة الشيخ عبد الكريم الجزائري
    والشيخ الجواهري والشيخ عبد الرضا ومعهم الحاج محسن شلاش قال لهم نور بري
    طلبتكم لارجوكم أن تكتبوا لآية الله الإمام الشيرازي رسالة مواسات لنفي
    نجله الشيخ محمد رضا الشيرازي.
    فقاطعه الشيخ عبد الكريم الجزائري وقال أي ولد يعنيه حضرة الحاكم من اولاد
    الميرزا الإمام الشيرازي (أهو حاج مخيف أم اولاده احرار الحلة أم اولاده
    رجال كربلاء إذ أنه لم يبلغ هذه المنزلة التي هو عليها إلا لأنه ينظر إلى
    جميع العراقيين بصفتهم أولاده.
    فغضب الحاكم من هذه الكلمات الحقة غضباً شديداً وانفض الاجتماع دون أن يثمر
    عن نتائج.
    وعندما لاحظ الإمام الشيرازي اطماع الانكليز ونواياهم السيئة أصدر فتواه
    الشهيرة التي انتفض لأجلها العراق باجمعه لما كان لها من الوقع العظيم في
    النفوس واجتمع رؤساء العشائر وجماعة من العلماء في داره في النصف من شعبان
    وبعد مشاورات اصدر فتواه نصا:
    مطالبة الحقوق واجبة على العراقيين ويجب عليهم في ضمن مطالبتهم رعاية السلم
    والامن ويجوز لهم التوسل بالقوة الدفاعية إذا امتنع الانكليز عن قبول
    مطالبهم.

    كانت بريطانيا قد استكملت اجراءاتها في غزوها لمنطقة الخليج من خلال عقد
    عدة اتفاقيات مع الشيخ خزعل والشيخ مبارك وعبد العزيز آل سعود وكانت
    بريطانيا تدرك موقف علماء الشيعة من احتلال العراق حيث لا يمكن أن يتقبلوا
    أي احتلال اجنبي استعماري للأقاليم الإسلامية وقبل أن تعلن بريطانيا الحرب
    على إيران والدولة العثمانية صدرت الأوامر إلى القوات البريطانية في بومبي
    بالتحرك نحو الخليج في
    14 تشرين الثاني 1914م 25ذي الحجة 1332هجرية فاحتلت الفاو، ولما رأى الإمام
    الشيرازي الخطر محدقاً شكل مجلساً استشارياً من علماء كربلاء المقدسة ووجه
    الدعوة إلى رؤساء العشائر الشيعية في الجنوب وبدأ نشاطه لمنع الانكليز من
    تحقيق مآربهم وبدأت حركة الجهاد في العراق لصد الجيوش البريطانية من جهة
    البصرة وانطلقت من كربلاء وباقي المدن العراقية فكانت اول مجموعة من
    المجاهدين بقيادة محمد سعيد الحبوبي توجهت نحو الجنوب وكانت تلتحق بهم في
    الطريق العشائر والمجاهدون ولما علم الانكليز أن قلب الثورة هي كربلاء
    المقدسة توجه الميجر بولي إلى كربلاء مع قوة مجهزة بالسيارات المصفحة
    والمدافع فطوقت مدينة كربلاء في يوم الاحد الخامس من شوال سنة 1338هجرية
    ووجه الكتاب التالي إلى زعيم الثورة الإمام الشيرازي:











    الاحقر


    محمد تقي الحائري الشيرازي



    أولاً: أن يمنح العراق استقلالا تاماً لا تشوبه أية شائبة.
    ثانياً: أن يتوقف القتال في الرميثة واطرافها حالاً.
    ثالثاً: أن يتخلى الحكام السياسيون مع جميع القوات البريطانية عن مراكز
    الفرات وبلداته إلى بغداد لتدور المفاوضات بين زعماء الأمة العراقية
    والسلطة البريطانية المحتلة بشأن تقرير مصير العراق بجو هادئ.
    رابعاً: أن يطلق سراح الميرزا محمد رضا نجل آية الله الإمام الشيرازي ويفرج
    عن احرار العراق المسجونين والمنفيين إلى جزيرة هنجام وغيرها كافة بلا
    استثناء دون قيد أو شرط.
    وقدموا هذه المطالب إلى الحاكم البريطاني الميجر نور بري وعندما رفضها
    تأهبوا للوثوب والقيام بالثورة وفي يوم الأحد 24 شوال 1338 هجرية الموافق
    11 تموز 1920م تقدمت جيوش العشائر وهم آل فتلة واعقبتهم جيوش عشيرة آل
    إبراهيم تحت قيادة السيد علوان الياسري وشعلان الجبر وجيوش الغزالات تحت
    قيادة السيد هادي زوين وعلي المزعل ثم انقسمت قبائل آل فتلة إلى قسمين قسم
    توجه إلى حصار مدينة أبي صخير التي كان فيها ما يزيد على الثلاثمائة جندي
    بريطاني مع كامل عدتهم تحت قيادة الكابتن هوبكنس والضابط مايقوس.
    هجم آل فتلة على أبي صخير بقيادة عبد الكاظم الحاج سكر وحاصروا المدينة بعد
    أن استشهد من آل فتلة ثمانية عشر مقاتلاً وجرح ستة وعشرون مجاهداً وكانت
    هذه المواجهة اول معركة قام بها الثوار ضد الانكليز.
    ثم توجه القسم الثاني من مقاتلي عشيرة آل فتلة نحو الجانب الشرقي من ضفة
    الفرات يقصدون الكوفة فالحلة ثم بغداد تحت قيادة عبد الواحد الحاج سكر
    وعندما وصلوا إلى أبي صخير التحق بهم السيد علوان الياسري وحقق المجاهدون
    اول انتصار في الشامية حيث هجموا على الباخرة الحربية فاير فلاين فاضطرت
    للانسحاب إلى الكوفة ثم حرقها الثوار.

    فتوى الإمام الشيرازي أعطت إلى الزعماء ورؤساء العشائر قوة معنوية عظيمة
    وبعد الحصول على هذه الفتوى وطبعها بعشرات الألوف من النسخ حيث وزعت في كل
    مكان من المدن والقرى العراقية استعد زعماء ورؤساء العشائر للثورة واستعمال
    القوة بعد أن رفضت السلطات البريطانية مطالب الشعب العراقي التي وقعوها في
    دار عبد الواحد الحاج سكر بامر من سماحة الإمام الشيرازي والقيادة في
    كربلاء وان يلقوا بآخر حجة على السلطة المحتلة حقناً للدماء وكانت المطالب
    العراقية كالتالي:

    واقعة الرارنجية
    في يوم 7 ذي القعدة سنة
    1338هجرية وقعت معارك دامية في نواحي الرستمية التي تبعد عن الحلة اثني عشر
    ميلاً في جنوبها بين الجيش البريطاني والمجاهدين، ادت إلى القضاء على اكثر
    من ثلثي القوة البريطانية ومعداتها واشتهرت هذه الواقعة بالرارنجية وترك
    الجيش البريطاني ما يزيد على الألف قتيل واكثرهم من الانكليز وغنم الثوار
    اثنين وسبعين رشاشاً من نوعي (فيكرس ولويس) ومدفع عيار 17 بوند وأرزاقاً
    واسرى بلغ عددهم 160 اسيراً منهم 79 بريطانياً والباقون من الجنود الهنود
    وبعد انتهاء معركة الرارنجية قرر الثوار أن يرسلوا المدفع المذكور إلى
    الكوفة لتحطيم باخرة فايرفلاي التي كانت في الشط مقابل الثوار الذين حاصروا
    القوة البريطانية في الكوفة فضربوا الباخرة بقذيفتين الأولى اصابتها
    والثانية اشعلت فيها النيران فاحرقتها ثم غرقت وعندما وصل اسرى الجيش
    البريطاني إلى النجف الاشرف كتب شيخ الشريعة إلى المسؤول عن الاسرى الكتاب
    التالي:
    بسم الله الرحمن الرحيم
    سلام عليك وثناء على اخلاصك وبعد فغير خفي على نباهتك أن للاسرى في الشريعة
    الإسلامية مكانة عالية فالعناية بهم فرض والتوجه إلى اكرامهم حتم واني
    اوصيك اطال الله حياتك بتعهدهم على الاتصال وتفقد أحوال صحتهم ومعاشرتهم ما
    داموا وديعة مقدسة وأمانة محترمة فيلزمك البذل لهم والتوفير عليهم ويجب
    تصديك لتحقيق راحتهم اكثر من الأيام الماضية واني قوي الامل بانك تنشط إلى
    هذا التكليف لأنه شرعي مدني انساني فواظب على الانفاق عليهم حتى يتعين
    لنفقاتهم مورد خاص فقد اعتمدت وأوكلت ذلك إلى عهدتك والزمتك به ولا عذر لك
    ودم مؤيداً.
    شيخ الشريعة الاصبهاني
    أما خسائر المجاهدين في واقعة الرارنجية فقد بلغت 158 جريحاً و84 شهيداً.
    وفي يوم 18 ذي الحجة يوم عيد الغدير وهو من اكبر اعياد الشيعة الإمامية
    اجتمع مجلس قيادة الثورة الذي كان مقره في كربلاء المقدسة وقد أشرنا سابقاً
    بنفي بعض أعضاء هذا المجلس إلى جزيرة هنجام وقرر تشكيل حكومة مستقلة وكان
    اول قراراته تعيين مدينة كربلاء المقدسة مركز لواء والنجف الأشرف قضاءاً
    تابعاً إلى كربلاء كما قرر تنصيب السيد محسن أبي طبيخ متصرفاً للواء كربلاء
    وتعيين السيد نور السيد عزيز الياسري قائم مقام لقضاء النجف وتلحق به
    الكوفة حتى أبي صخير ويكون راتبه الشهري ألف روبية وقد تبرع السيد أبو طبيخ
    متصرف كربلاء برواتبه إلى الثوار لسد نفقات عوائل المجاهدين ولم يبق من
    تلك المخصصات شيئ فكان هذا أول منصب رسمي وتشكيل حكومة عراقية مستقلة في
    كربلاء المقدسة ونصب عليهم حاكماً منهم وعمّها الفرح ولمس العراقيون أول
    ثمرة من ثمرات الثورة العراقية الكبرى تحققت باستقلال وخروج كربلاء عن طاعة
    الانكليز وهذا نص البيان الرسمي لمجلس قيادة الثورة:
    اجتمع المجلس الحربي بتاريخ 18 ذي الحجة سنة 1338هـ بمدينة كربلاء وتذاكر
    فيما يخص تنظيم شؤون المدن والمراكز التي حررها الثوار فقرر جعلها مناطق
    وجعل لكل منطقة متصرفاً يعين من قبل هذا المجلس وهو يعين موظفين لمنطقته
    يبقون مؤقتين حتى تسن القوانين من قبل مجلس الأمة التشريعي وذلك بعد تطهير
    البلاد من الحكومة المحتلة ويقوم المتصرف باعمال الإدارة ويراجع المجلس
    الحربي بكل ما يهمه ويحتاج للمراجعة به وتكون وظائفه حسبما ينص به النظام
    الذي سيكون معمولاً به حتى يجتمع المجلس التأسيسي في بغداد إن شاء الله
    والذي سيشترك فيه عموم اهالي العراق وبطريقة الانتخاب وقد قسم المجلس
    الحربي المناطق فجعل مدينة كربلاء منطقة وألحق بها طويريج والنجف وأبا صخير
    والشامية مع نواحيها وعين المجلس السيد محسن أبي طبيخ متصرفاً لهذا اللواء
    على أن يكون راتبه الشهري ألف روبية وبذلك يبلغ ليستلم وظيفته.
    التواقيع - أعضاء المجلس الحربي
    وبعد أن بلغ السيد أبو طبيخ وأذيع قرار المجلس في صحن الحسين الشريف واطلع
    عليه أهالي كربلاء خرج أبو طبيخ من داره متوجهاً إلى مقر الحكومة الذي كان
    يسكنه العثمانيون سابقاً وقد استقبلته جماهير كربلاء من الرجال والنساء
    بجميع طبقاتهم يهتفون بحياة زعيم الثورة والحرية والاستقلال وكانت
    المظاهرات تسير على طول الطريق والناس تهتف والشعراء ينشدون اشعارهم معبرين
    عن فرحتهم وحماسهم واحتفائهم بهذا اليوم المبارك ولما وصل السيد أبو طبيخ
    إلى مقر المتصرفية كان العلماء والاعيان وشخصيات كربلاء وعلى رأسهم أعضاء
    مجلس قيادة الثورة في استقباله وفي هذه الاثناء رفع العلم العراقي ذو
    الألوان الأربعة والذي وصفه الشاعر بقوله:


    بيض صنائعنا سود وقائعنــــا *** خضر مرابعنا
    حمر مواضينا

    وقام الحاضرون باداء التحية وبعد المراسيم الرسمية استقر
    السيد المتصرف على منصته واقبلت عليه الجموع لتقديم التهاني والتبريكات ثم
    قام سكرتير المجلس الإداري الأستاذ خليل عزمي فألقى قصيدته الرائعة التي
    جاء فيها:
    ب

    شراك يا كربلا قومي انظري العلما *** عـــلى
    ربوعـــك خفاقـــاً ومبتسمـا


    وكفكفي دمعـك الهطـــال وابتهجـــي *** فان بند بنـي قحطـــان
    قـــد حكمـــا


    هذا هو العلـم المحبـــوب فاحتفـــلي *** عليه يا كربلاء واستنهضي
    الهمما


    وشاهدي كيف امسى القلب مبتهجـاً *** من الحماس ويهفو أن يريق
    دمـــا


    شعب تفانى وراء الحق مبتغيــا *** نيل الكرامة جار الغــرب أو
    ظلمــا


    ظلم وجور ابت ارواحنا شممـــا *** أن تستكين لمن لم يــرعها
    ذممـــا


    واستوثقي أن دين الحق شيــده *** وان بيت الصليب انــدك وانهدمـــا


    لله در بني قومي الضياغـم مــا *** اشدهم بوطيس الحرب حيـن حمى


    ما من زعيم بهم إلا لــه صفـــة *** ترى به المجد والانجـاد
    والكرمـــا


    تراه في الحرب ضحاكاً مبتسما *** والسيف ما زال يبكي من يديه دما


    قد حاز بالذب عن اوطانه قدمـا *** لا أخر الله فــي حـــرب لـــه
    قدمــا

    وقد استقبلت هذه الابيات الرائعة بتصفيق حار وترحيب منقطع
    النظير من قبل الحاضرين وفي هذه الاثناء قام السيد علي البازركان وهو أحد
    التجار الشيعة الايرانيين في بغداد وقد بذل كل ما بوسعه من مال لتوطيد
    أركان الثورة في بغداد حين أرادت السلطة المحتلة القبض عليه هرب منها
    لاجئاً لموطن الثورة ومركز انطلاقتها ومقر قيادتها كربلاء المقدسة فألقى
    كلمة مفصلة استنهض بها همم الحاضرين والمجاهدين الثوار قائلاً (السلام على
    الحفل الكريم ما اسعد حظي وما اجمل طالعي بهذه الساعة المقدسة وأنا واقف
    بين اخواني الاحرار الاعزاء أبناء الأمة العربية العراقية التي بذلت ما في
    وسعها من النفوس والنفائس لرفعك أيها العلم الحر لترفرف فوق رؤوسنا حياك
    ربي بتحياته الحسنى لقد بشرتنا بزوال ساعات الذل وكسر حلقات سلاسل
    الاستعباد. إن كل خفقة منك أيها اللواء المبارك تقول لنا (جاء الحق وزهق
    الباطل) اخفق على قطرنا المحبوب الذي كان يئن من ثقل وطاة المصائب كي يبتسم
    الجو الذي خنقته العبرات على ما شاهده من أنواع الظلم واشكال الاعتساف بين
    هذه الأمة انشر صفحاتك أيها العلم كي تظهر للملأ أن الحرية قد صارت
    حليفتنا وان الاستقلال التام صار إلينا رفرف ولا تخف بالحق لومة لائم فان
    هذه الأمة مجردة سيوفها مشمرة عن سواعدها لحفظ مقامك السامي ورفعك فوق أعلى
    قمة من هذا القطر المقدس. إن ألوفاً من الرجال وصفوفاً من الأبطال حاضرة
    لاراقة آخر قطرة من دمائها لادامتك وسلامتك وننشد قائلين:


    إنـا لقــــوم ابـــت اخلاقنـا شرفــاً *** أن
    نبتدي بالأذى من ليس يؤذينا


    بيـــض صنائعنــا سـود وقائعنـــا *** خضـــر مرابعنــا حمـــر
    مواضينا


    لا يظهر العجز منا دون نيل منى *** ولـو راينــا المنايـــا في
    أمانينــــا

    بشراك أيتها الأمة العربية العراقية بحلول هذه الساعة
    المباركة التي رفع فيها هذا اللواء المقدس الحر الذي كنت طالبة رفعه منذ
    عدة قرون إن السعد قد رافقك وعلو الحظ حالفك.
    أيتها الأمة إن رفع العلم سهل ولكن ادامته فوق الرؤوس صعب. فيجب عليكم الآن
    بذل قصارى الجهد واسترخاص النفوس بدفع عدونا الأكبر من هذا القطر الشريف
    المقدس الذي بني من جماجم الأجداد واجسام الآباء ولقد سعدت كربلاء والنجف
    الأشرف وما هو إليهما باستنشاق هواء الحرية ورفع العلم العربي ولم تزل
    بغداد تئن وتبكي تحت ظلم الانكليز وسيطرة الدولة المحتلة ألا يا سادتنا
    وعلماءنا ألا يا رؤساء عشائرنا ألا يا زعماء امتنا المظلومة اسألكم بحق هذا
    العلم المقدس هل ترضون ببغداد والكاظمية وما جاورها أن تبقى تحت سلطة
    اجنبي غاياته درس مآثر ما بنته الجدود وجل مقاصدهم مص دم الشعب وجعلهم احقر
    من الهنود، بالله عليكم قوموا وانهضوا نهضة الأسود وانقذوا قطرنا المحبوب
    من ايدي أعدائه وارفعوا العلم فوق أعلى قمة فيه وبيضوا صفحات تاريخ عراقنا
    المبارك كي يتم السرور ونقول نلنا بغيتنا وما نتمناه لان النصر حليفنا
    واعلموا أن العراق للعراقيين ليحيا العلم العربي الحر ولتحيا الأمة العربية
    الحرة...).
    وقد أثارت هذه الكلمة حماساً عند الحاضرين وأخذت مأخذها في قلوب المستمعين
    وعقد مجلس قيادة الثورة جلسته لوضع خطة لتحرير بغداد من الاحتلال
    البريطاني.
    وفي هذه الأثناء أمرت الحكومة البريطانية بعزل الكولونيل ولسن الحاكم
    الملكي في العراق وتعيين السير برسي كوكس خلفاً له ليمثل الحكومة
    البريطانية في العراق بصفته مندوباً سامياً ومهمته تأسيس حكومة عربية في
    العراق وتنفيذ مطاليب الثوار واحرار العراق وقد وصل السير برسي كوكس إلى
    البصرة في مساء اليوم الأول من تشرين الأول عام 1920 عن طريق الميناء بحراً
    بعد أن قابل في طريقه الأمير عبد العزيز آل سعود في العجير التي كان يسكن
    فيها يومذاك وقابل أيضا الشيخ خزعل ثم توجه من البصرة بتاريخ 5 تشرين الأول
    إلى بغداد عن طريق نهر دجلة فزار المدن والقرى الواقعة على ضفة النهر
    المذكور واتصل بأهلها وأخذ الناس الذين كان اكثرهم من عشائر أهل العامة
    يعلنون استعدادهم لخدمة حكومة بريطانيا حتى وصل بغداد في يوم 11 تشرين
    الأول 1920 فاستقبل في بغداد من قبل السنة استقبالاً فخماً وكان من
    المستقبلين جميل صدقي الزهاوي فألقى قصيدة ترحيبية حمل فيها على الثورة
    والثوار حملة شعواء من جملة ما جاء فيها:


    عد للعــــراق واصلـــح منه ما فسدا *** وابثث
    به العدل وامنح اهله الرغدا


    الشعــــب فيك عليك اليــوم معتمـــد *** فيما يكون كمــــا قد
    كـــان معتمــــدا


    أرأف بشعب بغاة الشـــر قد قصدوا *** إثـــــارة الشــر فيــه
    وهــو ما قصـدا

    فألقا السير برسي كوكس كلمات قصيرة في جمع الحاضرين
    وكلهم من أهل بغداد السنة جاء فيها:


    يا جميل افندي ويا أيها المندوبون، إن دولة انكلترا ارسلتني للمساعدة
    والاتفاق مع اشراف ورؤساء العراق لنحصل على الغاية المطلوبة للعراقيين
    وتأسيس حكومة عربية مستقلة تحت نظارة حكومة انكلترا ولقد جئت لهذه الغاية
    ولكن ما زال الاضطراب فلا يمكن العمل وأنا حاضر للعمل عند سنوح الفرصة وهذا
    شيء بيدكم.


    وقد استغل علماء كربلاء المقدسة الفرصة فقدموا مذكرة إلى السير برسي كوكس
    الحاكم البريطاني الجديد بتوقيع السيد محمد علي هبة الدين الشهرستاني وهو
    من مشاهير علماء كربلاء المقدسة مطالباً فيها بحقوق العراقيين جاء فيها:


    حضرة ذي الفخامة السير برسي كوكس المعظم عمت عطوفته


    بعد تقديم الاحترام التام والثناء المستدام فإننا نأمل من هذا المقدم
    السعيد أن يكون مقدم السعادة للامة العراقية الشريفة فنظراً إلى أن الحقائق
    يجب أن لا تخفى على وزير معتمد عليه مثل فخامتكم فلذلك نتقدم إليكم ببيان
    نبذة مهمة مما هي عليه هذه الأمة بياناً منزهاً عن كل شائبة وريب وهي أن
    الأمة العراقية المعروفة باعتدال اخلاقها وشديد رغبتها إلى السلم والسكون
    وقد تحملت أثناء حاكمية جناب ولسن من امرائه اقسام القساوة وضروب
    الضرائب... إن أبواب الحروب لا يسدها غير تحرير الشعوب وتقدمت انكلترا
    وفرنسا بمواعيدها الرسمية المعروفة في تحرير العراق واستفتاء اهله عن
    رغباتهم في مصير حكمهم وشكله فأجابوا مراراً واعلنوا جهاراً انهم يريدون
    استقلالهم في الحكم الذاتي من دون تدخل الاجنبي... غير أن الحاكم ولسن قد
    استقبلها بالقسر والقساوة والاضطهاد وهتك حرمة كربلاء وغيرها كما هتك مقام
    الرئاسة الروحانية وساق بقوته العسكرية جماعة من العلماء والرؤساء بالاهانة
    حينها لم يظهروا عليه عصياناً وفيهم اكبر انجال حضرة آية الله العظمى
    الميرزا الشيرازي (قدس سره) دون أن يحاكموا بذنب لهم سوى طلبهم حقوق الشعب
    تلك الحقوق المشروعة التي بنى عليها ساسة الحلفاء صروح الهدنة والصلح العام
    وتعاقبت عليها مواعيدهم الرسمية ثم لم يقنع حضرة الحاكم ولسن بكل ذلك حتى
    ارسل عسكراً على الحاج مخيف وغيره من الصلحاء الاكابر فساق وقتل وحرق وفرق
    فثارت العشائر للدفاع عن النفس والنفيس فأمرنا حضرة آية الله العظمى
    الشيرازي في أواخر شوال الماضي أن نسافر بمثابة سفراء من ناحية كربلاء
    المقدسة إلى بغداد للمفاوضة مع حاكمها في الاتفاق على صورة مشروعة تحفظ
    الحقوق وتحقن الدماء غير انه (الحاكم) مع الأسف خيب آمالنا السلمية وأبى
    إلا الشدة والانتقام فرجعنا باليأس ثم لم نسمع عند حضرة الحاكم حرفاً من
    شواهد حب السلم والمفاوضة إلا بعد ما عرض عساكره على القتل والاسر والحصار
    وأضر دولته الفخيمة اكثر من غيرها فلو اردنا سرد وقائعه وفضائعه لشغلنا
    اوقاتكم الشريفة لكننا نؤخرها إلى وقت اللزوم وإنما جرى القلم بهذه النبذة
    ليحيط علمكم السامي بما نحن فيه.


    كربلاء في 7 محرم الحرام سنة 1339


    سيد محمد علي هبة الدين الشهرستاني


    وبعد يومين من وصول السير برسي كوكس إلى بغداد كان أول عمله إصدار بيان
    نشره في الصحف ووزعه بواسطة الطائرات على المدن المقدسة كربلاء والنجف
    والكاظمية ومناطق الثورة في الجنوب والعشائر العراقية هذا نصه:


    منشور عام إلى جميع طوائف العراق وعشائره


    إن فخامة نائب الملك السير برسي كوكس يعلن لجميع أفراد العشائر وطوائف
    العراق أن حكومة بريطانيا انتدبته ليعود إلى العراق لتنفيذ مقاصد الحكومة
    الثابتة بمساعدة رؤساء الأمة وتشكيل حكومة وطنية في العراق بنظارة حكومة
    بريطانيا ولقد يصعب جداً على فخامته تنفيذ منويات الحكومة البريطانية ما
    دامت بعض اقسام العشائر والطوائف في العراق تعادي الحكومة ونظن أن الأحوال
    الحاضرة تبعث على الشكوك الواهية التي تخامر أفكار بعض طبقات الأمة في
    نوايا الحكومة البريطانية ويعتقد فخامته انه يتوصل لإزالة كل شك أو ريبة
    خامرت أفكار الذين قابلوه حتى الآن ولا يعلم فخامته غرض العشائر الذين
    يشغلون أنفسهم بالحرب فإذا كان هناك سوء مفهومية يمكن أزالته فيسر فخامته
    أن يبلغ العشائر ذلك إليه بواسطة اقرب حاكم سياسي إليهم.


    وفي 27 محرم عام 1339 هجرية حصل نزاع بين رؤساء قبائل بني حسن فكتب قائم
    مقام طويريج السيد علي العفصان رسالة إلى الشيخ عبد الواحد الحاج سكر
    يستنجد به وهذا نص الكتاب:


    لحضرة الفاضل عبد الواحد الحاج سكر المحترم


    بعد اهداء التحية


    اخبركم انه حدث انشقاق عند عشائر بني حسن فيما بينهم وأرجوك تحضر حالاً أنت
    بذاتك لحل هذا الخلاف وعند مجيئك سافصل لك ما سمعته عن أسباب هذا الخلاف
    والسلام.


    علي العفصان - 27 محرم 1339


    وعند استلام هذا الكتاب توجه الشيخ عبد الواحد الحاج سكر من الوند إلى
    طويريج لحل الخلاف وقد استفاد العدو من الخلاف الناشب واحتل جيش الانكليز
    مدينة طويريج.


    وحين وصل خبر سقوط مدينة طويريج إلى المجاهدين في الوند انسحب الثوار من
    الوند إلى مدينة كربلاء المقدسة للدفاع عن مدينة الحسين(ع) وتكون قاعدتهم
    السليمانية التي تبعد عن كربلاء خمسة أميال وعن طويريج عشرة اميال ولكن
    مجلس قيادة الثورة في كربلاء شكك في إمكانية انتصار الثوار واراد أن يتفاوض
    مع قوات العدو لعدم اراقة دماء الأبرياء من الناس العزل إلا أنه لم تنجح
    محاولة المفاوضات وبعد أن تقابل الفريقان ونشبت حرب طاحنة بين اهالي كربلاء
    وقوات العدو كانت النتيجة سقوط كربلاء ودخل جيش الإنكليز مدينة كربلاء
    واطلقت نيران المدافع والرشاشات على الناس والبيوت والمحلات عشوائياً
    واشتركت الطائرات التي كانت ترافق الجيش بالقاء قنابلها على المدينة وظل
    الجيش يطلق النار وقبل وصول الجيش إلى كربلاء تمكن كثير من الأحرار من
    الخروج من المدينة ثم قامت القوات الإنكليزية بتطويق كربلاء من جهاتها
    الأربع بالمدافع والاسلاك الشائكة.


    وما أشبه اليوم بالبارحة، إذ تعيش كربلاء فصولها الدامية التي ورثتها من
    التاريخ لأنها لا تستطيع إلا أن تعيش حرة عزيزة تأبى الذل والهوان مهما
    توالت عليها الضربات والهجمات.


    إن تاريخ العراق الحديث وبالخصوص ثورة العشرين يؤكد الكثير من الحقائق
    والعبر منها:


    * إن دور العلماء في الحركة السياسية والاجتماعية دور أساسي لا ينفك عن
    حركة الشعب العراقي باعتبارهم المظلة الشرعية التي يستند عليها التحرك
    النهضوي، ولولا تحرك العلماء بقيادة الميرزا الشيرازي لما قامت ثورة
    العشرين المظفرة.


    * إن ثورة العشرين مثلت تجسداً وحدوياً كبيراً بين كافة فئات الشعب ومختلف
    طبقاته حتى اصبح صوتاً واحداً انبثقت منه قوة ضارعت أقوى جيش استعماري في
    ذلك العصر وأذاقته الذل والهوان. وهذه الوحدة هي التي تكون قادرة على انقاذ
    العراق من محنته اليوم.


    * إن ثورة العشرين كانت قوية في انطلاقتها وحركتها، ولكن لم يستطع أبناء
    الثورة استثمار النصر لعدم وجود المؤسسات والاحزاب المنظمة جيداً بحيث
    تتحول إلى مؤسسات حكم تراقب وتشارك في عملية اتخاذ القرار. وهذا هو السير
    الذي يمكن أن ينعش العراق اليوم وينقذه من الدكتاتورية والاستبداد.


    * كشفت الثورة أن لا حقيقة للوعود المعسولة التي يطلقها المستعمر ومن خلفه
    اتباعه.


    وكشفت كذلك عن أن الإرادة الهادفة، والعزم الأكيد قادران على هزيمة القوة
    الغاشمة التي تفتقد لأي حق أو مصداقية في صراعها مع حقوق الآخرين.


    .



      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة نوفمبر 22, 2024 9:28 pm